في أواخر السبعينيات من القرن الماضي، وصل الناشر الأمريكي من أصل فلسطيني، ميشيل مشبّك، إلى الولايات المتحدة لدراسة التاريخ في جامعة نيويورك، بعد هروبه من العاصمة اللبنانية بيروت التي مزقتها الحرب الأهلية.
لكن مشبّك، مؤسس دار نشر “إنترلينك بابليشينغ”Interlink Publishing ، في نورثهامبتون بمقاطعة هامبشاير (ماساتشوستس)، شعر بصدمة أيضاً عندما لمح مدى ضآلة معرفة معظم الناس بالبلاد التي أتى منها.
من هذا المنطلق، قام مشبّك بتعديل خططه وقرر تأسيس دار نشر مستقلة لعرض الكتب من جميع أنحاء العالم، ليُحقق بذلك المفهوم العالمي الأكبر بشأن فهم الثقافات وكسر الحدود الوطنية والثقافية.
بدأت “إنترلينك بابليشينغ” كشركة تجارية في ظروف متواضعة من خلال شقته السابقة في بروكلين بولاية نيويورك، ولكنها اليوم، تحتفل بالذكرى السنوية الخامسة والثلاثين على تأسيسها، وتضم حالياً 10 موظفين. نجحت الشركة كذلك في التغلّب على التحديات الاقتصادية الناتجة عن وباء كورونا من خلال إعادة تطوير نموذج أعمالها وتوسيع تواجدها الإلكتروني.
وعبر مجموعة من كتب الطبخ التي تركز على المأكولات العالمية والحائزة على جوائز، تنشر “إنترلينك” 50 كتاباً سنوياً، بما في ذلك الكتب الخيالية لكُتّاب من الشرق الأوسط، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية إلى جانب كتب الأطفال، وأدب الرحلات، وأدلة السفر، والتاريخ، والشؤون الحالية، والفن. ولدى “إنترلينك” أيضاً خطط لتوسيع إنتاجها مستقبلاً.
مع ذلك، تغلّبت “إنترلينك” أيضاً على المعارضة لبعض كتبها، لا سيما تلك العناوين السياسية المنتقدة للسياسة الخارجية الأمريكية، والرأسمالية، وفئة الكتب التي تُركّز على حقوق الفلسطينيين في صراعهم الطويل مع إسرائيل.
تُباع معظم عناوين “إنترلينك” في الولايات المتحدة ولكن تمت ترجمة عدد كبير منها إلى لغات أخرى، تباع في الخارج. ويقول مُشبّك إن كتب الطبخ تعد ركيزة أعماله التجارية، ومن هنا ركزت الشركة على تعريف العملاء الأمريكيين تحديداً بالمطبخ العالمي والثقافات التي تأتي منها تلك الوصفات.
كما حصل كتاب عن الطبخ الإثيوبي على جائزة مؤسسة “جيمس بيرد ” لعام 2020 المرموقة في هذا المجال، وفازت كتب طهي أخرى تابعة لـ”إنترلينك” بجوائز كبيرة ومراجعات إيجابية في صحيفتي “لوس أنجلوس تايمز” و”نيو يورك تايمز”.
وقال مشبّك: ” طوال رحلتي، كان دافعي الرئيسي القوي هو تعريف القراء الأمريكيين إلى كبار الكُتّاب الأفارقة والعرب والمؤلفين من أمريكا اللاتينية. أردت أن أمنحهم الفرصة لاكتشاف روائي جديد، وأن أقدّم لهم كتباً تُعلّمهم وتسعدهم وترفّه عنهم. رغبت أيضاً في التصدي للصورة السلبية والكراهية والخوف من المجهول.”
المصدر: صحيفة “ديلي هامبشير غازيت“