Home 5 مقالات و تقارير 5 من الظل إلى القيادة: النساء في صناعة النشر

من الظل إلى القيادة: النساء في صناعة النشر

بواسطة | يوليو 6, 2025 | مقالات و تقارير

على مدار قرون، ظل الأدب البرازيلي محكوماً برؤية ذكورية تنعكس في المتن والسياق، لكن النساء البرازيليات لم يتوقفن عن الكتابة، حتى في ظل التهميش والإقصاء. إذ كتبت كثيرات في الظل، بأسماء مستعارة أو خلف واجهات اجتماعية مضطربة، لكن منذ النصف الثاني من القرن العشرين، بدأت الكاتبة البرازيلية تستعيد موقعها، لا كصوت معارض أو موازٍ فحسب، بل كركيزة أساسية في سرد الحكاية الوطنية بتفاصيلها الوجودية والهامشية.

 

وتُعد الكاتبة كلاريس ليسبكتور واحدة من أيقونات هذا التحوّل، إذ مثّلت كتابتها منعطفاً نوعياً في الأدب البرازيلي الحديث. فلم تكن فقط امرأة تكتب، بل كانت تكتب كما لم يُكتب من قبل، بلغة حادة، تربك الشكل وتخرق المألوف. ومعها، ظهرت كاتبات حملن الهمّ الاجتماعي والنسوي والعرقي، مثل كونسيساو إوارستو، التي مزجت الشعر بالسرد والسياسة بالذاكرة في كتابة تنبع من جذور إفريقية – برازيلية، لتصبح اليوم من أبرز الأصوات النسائية في البرازيل.

 

وفي موازاة هذا النضج الإبداعي، برزت ناشرات نسويات أسّسن دور نشر مستقلة تتبنى أدب النساء وتعيد توزيع السلطة الثقافية. من بينهن “دار نشر النساء” أو “Editora Mulheres” التي تأسست عام 1995 في مدينة فلوريانوبوليس على يد ثلاث أستاذات متقاعدات، لتمنح الكاتبات من أقاليم بعيدة أو خلفيات إثنية مهمّشة منصّة للنشر، بعيداً عن منطق السوق وأجندات البيع السريع. وبذلك لم تعد الناشرة مجرد وسيط تقني، بل أصبحت فاعلة ثقافية تقود تحوّلاً فيما يُنشر ولمن يُنشر.

 

وقد ترافق هذا التحوّل مع ارتفاع ملحوظ في عدد الجوائز الأدبية التي تُمنح لنساء، وازدياد نسبة الكاتبات المترجمات إلى لغات أخرى. غير أن الطريق لم يكن مفروشاً بالورود، فالكثير من الكاتبات ما زلن يصطدمن بعوائق تسويقية ونقدية وبُنى تمييزية داخل مؤسسات النشر التقليدية. وهنا يظهر دور الجوائز المستقلة والفعاليات النسوية في منح الاعتراف والتقدير لهؤلاء الكاتبات.

 

ويمكن القول اليوم إن النشر النسائي في البرازيل تجاوز حدود كونه حركة هامشية أو موجة طارئة، ليصبح ممارسة راسخة تعيد تعريف العلاقة بين الأدب والهوية. فحين تكتب النساء، لا يكتفين بسرد ما لم يُروَ، بل يوسّعن حدود اللغة والموضوع والأسلوب. ومن خلال دور نشر نسوية، ومبادرات مستقلة، وتحولات في الذائقة القرائية، باتت الكاتبة البرازيلية اليوم لا تنتظر الاعتراف، بل تصنعه، وتفرض حضورها كجزء لا يتجزأ من المشهد الأدبي اللاتيني.

 

أخبار حديثة

17يوليو
اكتب، احلم، ابتكر: باب المشاركة مفتوح

اكتب، احلم، ابتكر: باب المشاركة مفتوح

يواصل المجلس الإماراتي لكتب اليافعين استقبال المشاركات في “مسابقة الكتابة الإبداعية” لعام 2025، التي تندرج ضمن حملة “اقرأ، احلم، ابتكر”، وتستهدف الأطفال واليافعين من عمر 6 إلى 18 عاماً في دولة الإمارات، بهدف تشجيعهم على التعبير عن أنفسهم من خلال كتابة القصص باللغة العربية، وتطوير مهاراتهم الإبداعية في بيئة محفزة ومشجعة.   وتفتح المسابقة المجال […]

15يوليو
الفاية.. حيث بدأ التاريخ يمشي على رمال الصحراء

الفاية.. حيث بدأ التاريخ يمشي على رمال الصحراء

في لحظة خالدة من ذاكرة التراث الإنساني، أشرقت شمس الشارقة على خريطة العالم مجدداً، وهذه المرة من بوابة التاريخ العميق، بعد أن اعتمدت لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو في دورتها الـ47 التي اختتمت مؤخراً  بباريس، إدراج “المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية” ضمن قائمة التراث العالمي. ولم يكن هذا الإنجاز مجرد اعتراف بموقع […]

15يوليو
تاتسونكو تدخل عالم النشر عبر “تيم بوك”

تاتسونكو تدخل عالم النشر عبر “تيم بوك”

أعلنت شركة “تاتسونوكو برودكشن” اليابانية، المعروفة بإرثها العريق في صناعة الرسوم المتحركة، عن تأسيس دار نشر جديدة تحمل اسم “تيم بوك” (TEEM BOOK)، تنطلق من ثلاث ركائز رئيسية هي: الشمولية، والمعاصرة، والأصالة.   وتُعد “تاتسونوكو”، التي تأسست عام 1962، واحدة من أبرز الاستوديوهات في اليابان، وقدّمت أعمالاً شهيرة مثل “ماخ غو غو غو”، وفريق النينجا […]

Related Posts

لماذا لا يزال هيسه يُخاطبنا؟

لماذا لا يزال هيسه يُخاطبنا؟

في الثاني من شهر يوليو، حلّت ذكرى ولادة الكاتب الألماني الكبير هرمان هيسه (1877–1962)، أحد أبرز الأصوات الأدبية في القرن العشرين، والفائز بجائزة نوبل للآداب عام 1946، والذي عُرف بأعماله التي تلامس العمق الإنساني والروحي، وتدفع القارئ إلى مساءلة وجوده وتفكيك علاقته...

تجربة إماراتية رائدة في “البيبليوثيرابي”

تجربة إماراتية رائدة في “البيبليوثيرابي”

في زحام الحياة وتحدياتها المتزايدة، يبحث الإنسان عن سبل آمنة للتنفيس عن مشاعره ومداواة جراحه النفسية. وهنا تأتي القراءة بوصفها أكثر من مجرد هواية، بل طقساً داخلياً للتصالح مع الذات. فالكتاب لا يمنحنا الكلمات فحسب، بل يتيح لنا إمكانية رؤية انعكاساتنا في مواقف وتجارب...

وريثة الواقعية السحرية: هل حافظت إيزابيل الليندي على شعلة ماركيز؟

وريثة الواقعية السحرية: هل حافظت إيزابيل الليندي على شعلة ماركيز؟

لم يكن غابرييل غارسيا ماركيز مجرد روائي قدّم أدباً جميلاً، بل شكّلت أعماله لحظة فاصلة في السرد العالمي، إذ حوّل الواقعية السحرية من ظاهرة محلية إلى تيار أدبي عالمي. وبينما كان تأثيره يزدهر في ثمانينيات القرن الماضي، ظهرت إيزابيل الليندي كرؤية موازية، تحمل المفردات...

Previous Next
Close
Test Caption
Test Description goes like this