“مجرّة”.. روح شبابية لدور النشر في الوطن العربي
ياسمين العيساوي
قرر الصديقان عبد الملك عثمان وعبد الله خلف العنزي، خوض تجربة جديدة في عالم النشر، فأنشآ دار “مجرة للنشر والتوزيع” في دولة الكويت، وعن سبب التسمية، قال الشريكان: “نحن نعمل على خلق نجوم مضيئة في عالم الأدب والثقافة.. فمجرّتنا ستُبصر النور قريباً، وسيرى نورها كل الموهوبين في الوطن العربي”.
وأكّد الشريكان، أنهما قاما باستبيان موسع، قبل البدء في تنفيذ مشروعهما لدراسة السوق الخليجية والعربية بصفة عامّة، وحاولا فهم متطلبات الكُتّاب والموهوبين، ومن بين أكثر الملاحظات التي توصّلا لها، كانت شكوى البعض من اهتمام دور النشر بالأسماء المشهورة على حِساب الموهبة، بمعنى أن مؤثر “التواصل الاجتماعي” قادر أن يُصبح كاتِباً متى شاء، بينما من يملك الموهبة الأدبية، وشغف الكتابة غير قادر على خوض المجال بسهولة.
وجاءت “مجرّة” لتكتشف المواهب وتصنع النجوم، حسب ما ذكر مُلاّكها، اللذان أوضحا أنهما قادران على صنع “مشاهير” بموهبة وشغف أدبي، فلماذا لا يُمكننا الجمع بين الموهبة الأدبية والشهرة؟! ودور النشر في الوقت الحالي أصبحت مُلزمة بأن تُشبه شركات الإنتاج الفني، وأن تصنع النجم عن طريق خطط تسويقية حديثة ومبتكرة، بدل الاكتفاء بالتعامل مع أشخاص معروفين بالفعل، أو أخذ مبالغ طائلة عن المبتدئين وركن أعمالهم في الرفوف، دون أدنى مجهود تسويقي.
أما عن الخطط التسويقية التي ستتبعها “مجرّة” لأعمالها، فأكّد كل من عبد الملك وعبد الله، أنهما يعتزمان تجربة أشياء جديدة لم يتم تطبيقها من قبل، من أجل بناء روح ثقافية مُبتكرة وجديدة، فالكاتب ليس أقل أهمية من الفنان، ويستحق أن يصل للجمهور بطرق بعيدة عن التقليدية، فـ”نحن اليوم نعيش عصر “التسويق” بامتياز، ومهما كان مُنتجك رائعاً، لن يعرفه الناس إلا إذا سوّقت له بشكل مختلف، عن طريق أحدث الوسائل، مثل مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها”.
وقرر الشريكان خوض تجربتهما الجديدة، بعدما اكتسبا خبرة في الكتابة والنشر والتسويق، وعملا في المجال لأكثر من 7 سنوات، حيث تدرّجا من قُرّاء عاشقين للكِتاب، إلى مُسوِّقين في بعض دور النشر الكويتية، ثم كُتّاباً ومؤلفين، إذ صدر لهما أكثر من مؤلّف أدبي. وحرصا طيلة فترة عملهما، على التواجد في جُل معارض الكتب المُقامة في الوطن العربي، لأخذ فكرة كافية عن مُتطلّبات الجمهور وأكثر الكتب مبيعاً، وملاحظة الأخطاء والنواقص الذي يعاني منها المجال، لتجنبها والعمل على إصلاحها بما هو جديد.
ويرى الشريكان أن مجال النشر مُربِح مادياً، عكس ما يدّعي البعض، ويقولان: “من يرى أن عالم النشر غير مربح، فهو لا يعلم خبايا السوق وغير مطّلع بشكل كافٍ”، فمن وجهة نظرهما لازال هناك قراء للكتب الورقية، يرغبون في قراءة أعمال بجودة عالية، ومستعدين لزيارة المعارض والبحث على مواقع التواصل، للتعرّف على عناوين ملهمة في مختلف المجالات. ويؤكد الشريكان أن شغفهما بمجال الأدب كان هو الدافع الأساسي لإنشاء هذا المشروع، بينما كان بإمكانهما خوض أي تجربة أخرى تدر الربح المادي بسرعة أكبر، ولكنهما يؤمنان جداً بأن العمل في تخصص تحبه، أنجح بكثير من العمل لأجل المكسب فقط.
أما عن التحدي الأساسي الذي ستواجه “مجرّة”، فسيكون في محاولة إثبات تواجدها وسط زخم دور النشر المتواجدة في الكويت، فسوق النشر هناك ليس بسيطاً وغير متاح للجميع، ولهذا فإن التحدي سيكون كبيراً وسط مجموعة من المنافسين، يعملون على إنتاج إصدارات ناجحة بشكل متواصل، كما أنهم ينافسون بشدّة لخوض تجربة “الدراما”، كون الأعمال الدرامية يتم اقتباسها عادة من روايات عن دور نشر محلية، وهنا يكمن التحدي الناجح والمميّز.
ويؤكد الشريكان عبد الملك وعبد الله أن الوطن العربي في حاجة ماسة إلى دور نشر يؤسسها ويرعاها الشباب، فهذا المجال يحتاج إلى روح شبابية تجدده، وتُدخل عليه إضافات تناسب العصر الرقمي، رغم أن الخبرة مطلوبة إلا أن التجديد كذلك مطلب أساسي، ولذلك يجب الاستغناء عن الطرق التقليدية، والمعاملات الرسمية والبطيئة في مجال يستحق التجديد وقابل له.