يرجح بعض الباحثين والعاملين في مجال تاريخ الأدب، أن الفيلم الشهير “شكل الماء” (The Shape Of Water) قد يكون له علاقة في النص القرآني، حيث أثار الفيلم الحاصل على جائزة أفضل فيلم خلال حفل توزيع جوائز الأوسكار، جدلاً حول أصل القصيدة الواردة في نصه.
وتقول القصيدة الواردة في الفيلم على لسان واحدة من الشخصيات غير المرئية، وفي مشهد مؤثر: “أنا غير قادر على تصوِر شكلك، رغم أنني أجدك دائماً حولي، حضورك الدائم معي يملأ عيناي بحبك، ويجعل قلبي خاضعاً لهذا الحب، من أجلك أنت، سأكون موجود في كل مكان”.
وتلقت مكتبة الكونغرس في العاصمة الأمريكية واشنطن العديد من الأسئلة والاستفسارات حول أصل القصيدة وكاتبها، فيما شرع باحثان في دراسة أدبية استقصائية لمعرفة لمن تعود كلمات القصيدة في الفيلم.
وبعد عملية تحري وبحث دقيق، لم تجد المكتبة تطابقاً بين هذه القصيدة وأي من القصائد الأخرى على قاعدة بياناتها الواسعة، كما لم يجد الباحثان أي صلة بينها وبين قصائد الشاعر الصوفي الشهير جلال الدين الرومي، الذي عاش في القرن الثالث عشر، بعدما نسبت بعض المصادر القصيدة إلى الرومي. وقد تحقق الباحثان من جميع قصائد الرومي ولكنهم لم يجدوا أي صلة تربطها بقصيدة الفيلم، بل ولم يجدوا القصيدة نفسها.
وذكرت مصادر أخرى أن القصيدة تعود للشاعر الصوفي الحكيم ابن سينا، الذي ولد في أفغانستان في القرن الحادي عشر، والذي أقر جلال الدين الرومي بتأثره بأشعاره الصوفية. كما ادعى البعض أن القصيدة من كلمات الراهب البيزنطي سايمون العمودي اللاهوتي الجديد، الذي عاش في الفترة (942-1022 م)، ولكن مرة أخرى لم يتمكن الباحثون من العثور على القصيدة نفسها.
وتحولت هذه التحقيقات والتكهنات إلى تصريحات أدلى بها المخرج ديل تورو في مقابلات تلفزيونية مختلفة، حيث قال في أحد المقابلات في ديسمبر من العام الماضي: “كنا فعلاً قد بدأنا تصوير الفيلم، وفي الأسبوع الأول من التصوير، كنت قد وصلت كعادتي دائماً مبكراً بساعة أو ساعتين قبل وصول طاقم الممثلين والعاملين في الفيلم إلى موقع التصوير، وعندها قال لي السائق، “ماذا نفعل؟” عندما يكون لدينا وقت فراغ” فقلت له “دعنا نذهب إلى المكتبة”.
وتابع ديل تورو حديثه: ذهبنا إلى المكتبة، وبدأت أتصفح الكتب المرصوصة على الرفوف، وخلال عملية البحث وجدت هذه القصيدة في كتاب عن شاعر روحاني يتحدث في قصيدته عن الله، وأعجبتني لأنها كانت رائعة جداً وحرَكت عواطفي وقررت أن أشترى الكتاب. ” وفي مقابلة أخرى، وصف ديل تورو القصيدة بأنها “رسالة حب إلى الله.”
من جهتها قالت البروفيسور فاطمة كشاورز، مدير مدرسة اللغات والآداب والثقافات في جامعة ماريلاند (كوليدج بارك)، ورئيس ومدير معهد روشان للدراسات الفارسية في الجامعة: ” لا تذكرني الأبيات في قصيدة فيلم “شكل الماء” بأي من قصائد أو أبيات شعرية لجلال الدين الرومي، ولكنها تتضمن مفاهيم ومواضيع رئيسية شائعة في الشعر الغنائي الإسلامي وفي أعمال الرومي أيضاً.”
وأضافت كشاورز: “أصبح مفهوم عدم قدرة الحبيب على تصور شكل المحبوب سمة عالمية في الشعر الغنائي الإسلامية لأن هذا المفهوم تم التعبير عنه في القرآن الكريم، ولأن الرومي أشتهر كشاعر مسلم صوفي لم أُفاجأ بأن تنسب هذه الأبيات إليه، كما أنه ليس لدي شك أيضا أننا إذا ما قمنا بفرز قصائده الغنائية الصوفية سنجد الكثير من الأبيات الشعرية لديه تستحضر غياب شكل الحبيب.”
وأشارت كشاورز إلى آيتين من القرآن الكريم تتضمنان نفس الفكرة، وهما الآية الكريمة 115 من سورة البقرة قوله تعالى: ” فأينما تُولوا فثمَ وجه الله”، (وهو ما يعرفه الصوفيون بالحبيب أو الأرض)، وأيضا الآية الكريمة 3 من سورة الحديد: “هو الأول والآخر والظاهر والباطن”.
يشار إلى أن أحداث الفيلم تدور حول قصة خيالية بطلتها عاملة نظافة بكماء تعمل في أحد المختبرات الأمريكية للأبحاث الفضائية، حيث تلتقي بكائن بحري وتقع في حبه.