تشهد شوارع العاصمة التايلندية، بانكوك، ظاهرة فريدة من نوعها يتم فيها توظيف الأدب لخدمة السياسة، إذ يرفع المتظاهرون الشباب الساعون إلى التغيير السياسي أيديهم بثلاثة أصابع أمام الجمهور والشرطة ووسائل الإعلام، مستخدمين نفس الحركة الجسدية التي ظهرت في سلسلة “The Hunger Games” أو “ألعاب الجوع”، لتكون ربما المرة الأولى التي يتم فيها استخدام إيماءة أو حركة من عمل خيالي في العالم الحقيقي.
هذه الإيماءة الشهيرة التي ظهرت في السلسلة الروائية التي كتبتها سوزان كولنز، وتحولت فيما بعد إلى أفلام حققت أعلى الإيرادات، قالت عنها بطلة الرواية كاتنيس إيفردين (لعبت دورها في الفيلم الممثلة جنيفير لورنس): “إنها حركة قديمة ونادرًا ما تستخدم في منطقتنا، تُرى أحيانًا في الجنازات! تعني الشكر، والإعجاب، والوداع لشخص تحبه”.
لكن في الروايات والأفلام الناجحة، تتغيّر الإيماءة لتصبح رمزًا عامًا للاحتجاج، وهي طريقة الناس للتعبير عن غضبهم من الحكم الشمولي، تمامًا مثل المظلات الصفراء التي رفعها المحتجون في هونغ كونغ.
ليس هناك شك في أن الإيماءات الجسدية يمكن أن تكون قوية – من تحية “القوة السوداء” Black Power في أولمبياد مكسيكو سيتي عام 1968 إلى “الركوع” في حركة “حياة السود مهمة” Black Lives Matter، لكن إيماءة “مباريات الجوع” هي البادرة الوحيدة التي جاءت من عمل خيالي. ما يجعل الأمر أكثر إثارة للاهتمام هو أن “مباريات الجوع” لم تحقق النجاح الكبير الذي وصلت إليه سلسلة “هاري بوتر”، ومع ذلك فإن هذه الأخيرة لم تقدم للعالم الحقيقي أي فكرة يمكن توظيفها في الاحتجاجات أو حتى كتعبير أو فكرة للحياة العامة.
وقد رفض بعض النقّاد هذه الفكرة ومن بينهم جوناثان جونز الذي أكد في مقال نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية إن هذه البادرة “كشفت شيئًا عن إفلاس المعتقدات السياسية في القرن الحادي والعشرين”. مضيفاً: “عندما يتم استخدام رمز للاحتجاج السياسي من سلسلة “مبتذلة” من أفلام الخيال العلمي، تعود بروحها إلى سبعينيات القرن الماضي، وتبدو بمضمونها أشبه بخيال مراهق، فهناك حتماً شيء غير صحيح”.
ومع ذلك حقق المحتجون نصراً. لقد سافرت أذرعهم المرفوعة حول العالم وأصبحت رمزًا قويًا ومؤثرًا. وبفضل هذه الإيماءة حظيت مطالبهم بتغطية عالمية واسعة.