في لندن – وفي مدن أخرى عبر أوروبا وخارجها – الأمر أشبه بالعيش في رواية خيال علمي. المواقع السياحية الرئيسية مثل ساحة ترافالغار هادئة بشكل مخيف، حيث أن تعليمات الحكومة بالعمل من المنزل وتجنب الرحلات غير الضرورية أصبحت أمراً نافذ المفعول.
أغلقت العديد من دور النشر الكبرى في المملكة المتحدة أبوابها: بنجوين راندوم هاوس، وبان ماكيملان، وسيمون وشوستر، فيما حثت هاشيت، وهاربر كولنز، أكبر عدد ممكن من موظيفها على العمل من المنزل. وحذا الناشرون الأصغر مثل فابر، وكانونغايت، حذو دور النشر الكبيرة، أما في الوكالات الأدبية، فاحتفظ كيرتيس براون بطاقم صغير جداً في المكتب لكن أيتكين ألكسندر أغلق أبوابه.
في رسالة مؤثرة للموظفين، قال توم ويلدون، الرئيس التنفيذي لشركة بنجوين راندوم هاوس – المملكة المتحدة مخاطباً كل واحد من موظفيه: “لقد اجتاز الكثير منا المشكلات والأزمات في العمل ولكنها لم تكن بهذا الحجم أبدًا. أعلم أنك ستفعل ما بوسعك لمساعدة ودعم زملائك واتخاذ إجراء مسؤول لتقليل المخاطر على الآخرين. أثناء القيام بذلك، يرجى التأكد من حماية صحتك العقلية والجسدية”.
وأضاف: “هذه فترة اختبار، لكنني أعتقد أنه في هذه اللحظات يكون الأشخاص والمجتمعات والشركات في أفضل حالاتهم. إن شركتنا قوية وقادرة على أن تفعل كل ما بوسعها لدعم الزملاء والمؤلفين والشركاء في صناعة الكتاب. نشكرك مقدمًا على سعة صدرك والتزامك وإبداعك في ضمان استمرار تركيزنا على وضع كتبنا بين أيدي القراء. لم يكن هناك وقت أكثر أهمية من الآن لمشاركة قوة القراءة، والاعتناء بنفسك وعائلتك وأصدقائك”.
أما أنتوني فوربس واتسون، الرئيس التنفيذي لشركة بان ماكميلان، التي أغلقت مكاتبها “حتى إشعار آخر” وطلبت من جميع موظفيها العمل من المنزل فقال: “لقد اتخذنا هذا القرار من أجل إعطاء الأولوية لصحة ورفاهية الجميع في الشركة وأولئك الذين يعتمدون علينا. لقد تدربنا بشكل جيد للعمل عن بعد بشكل مرن، وهدفنا هو الاستمرار في تقدم أعمالنا أثناء العمل فعليًا من المنزل. أنا على ثقة بأن فريقنا سيكون قادرًا على التكيف والإبداع والتعاون مثل أي وقت مضى، والتواصل بطريقتنا المفتوحة والحيوية المعتادة للتعامل مع كل تحدي والاستفادة القصوى من كل فرصة ونحن ندخل هذه المرحلة المجهولة”.
وفيما أغلقت سلسلة مكتبات ووترستونز فروعها في الجامعات، تزداد كل يوم قائمة المعارض والمؤتمرات والاجتماعات المرتبطة بصناعة النشر والتي تم إلغاؤها بما في ذلك حفلات إطلاق الكتب الجديدة. وقد وجهت جمعية باعة الكتب في المملكة المتحدة رسالة مفتوحة تطالب فيها بدعم محلات بيع الكتب من خلال عدة إجراءات تشمل فترات سماح للمدفوعات، وتمديد فترة إرجاع الكتب غير المباعة، والشحن والتوصيل المجاني، والخصومات وغير ذلك.
وقالت الجمعية: “من المؤسف أن تؤدي مثل هذه الأزمة إلى العزلة الذاتية، والتشتيت الاجتماعي، وتجنب الأشخاص والتجمعات، وهي أمور تشكل نقيضاً للدور الذي تلعبه المكتبات في جمع الناس وتشجيع التواصل. كما منحت الأزمة قوة إلى تجار التجزئة عبر الإنترنت متعددي الجنسيات. ونريد أن نذكر القراء بأنه مازال بإمكانهم شراء كتبهم من مكتباتهم المحلية حتى وإن كانوا يمارسون التباعد الاجتماعي. لقد أنشأنا مجموعة من الموارد المتاحة لأعضاء جمعية باعة الكتب، بما في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي لمساعدتهم في تعزيز هذه النقطة والوصول إلى القراء في كل مكان”.
لا أحد يعرف تمامًا كيف سينتشر هذا الوباء خلال الفترة المقبلة، أو في الواقع إلى متى ستستمر القيود على الحركة. هذه حالة أشبه برواية خيال علمي مع أحداث تتغير يوماً بعد آخر.