عادت رائحة الورق القديم لتملأ زوايا مدينة الدار البيضاء المغربية، مع استئناف فعاليات المعرض الوطني للكتاب المستعمل في نسخته الثالثة عشرة، بعد انقطاع دام خمس سنوات. ومع افتتاحه يوم الخميس 26 يونيو، أستعاد أهل المدينة موعدهم مع القراءة في الفضاء العام، بعد أن حُرموا من المعرض الدولي للكتاب الذي انتقل إلى العاصمة الرباط، وما خلّفه ذلك من فراغ ثقافي واضح في المدينة.
وتُنظم هذه الدورة من قبل “نادي القلم المغربي”، بالتنسيق مع مقاطعة الفداء بالدار البيضاء، وتمتد على مدى أسبوعين حتى 10 يوليو 2025. واختار المنظمون لهذه العودة شعار: “الكتاب المستعمل… ذاكرة تتحدى النسيان”، في إشارة رمزية إلى وظيفة الكتاب في الحفاظ على الذاكرة، وعلى صمود الثقافة في وجه التغيّرات والتحوّلات التي عرفتها المدينة.
وبخلاف دوراته السابقة التي اعتاد فيها الجمهور التجمّع في ساحة السراغنة التاريخية بحي درب السلطان، انتقل المعرض هذا العام إلى موقع جديد بشارع موديبوكيتا، مقابل إعدادية الغزالي، في خطوة تحمل طابعاً عملياً وتنظيمياً فرضته ظروف المرحلة، لكنها لا تخلو من بُعد رمزي في الحفاظ على المعرض داخل نطاقه الشعبي.
ولا يقل البرنامج الثقافي المرافق أهمية عن الأكشاك المزدحمة بكنوز الكتب القديمة، إذ يشهد لقاءات فكرية وندوات أدبية وتوقيعات لكتب جديدة، إلى جانب موائد مستديرة تناقش قضايا راهنة، أبرزها “دور المعارض في التنمية والثقافة”. كما يخصص البرنامج فسحات للاحتفاء بروّاد الفكر والثقافة المغربية، خصوصاً الأسماء التي كان لها حضورٌ بارز في منطقة الفداء مرس السلطان.
يُذكر أن المعرض الوطني للكتاب المستعمل أطلق لأول مرة عام 2008، وتحول منذ ذلك الحين إلى مبادرة ثقافية شعبية لاقت صدى واسعاً، بفضل موقعه التاريخي في ساحة السراغنة، وتوقيته المناسب، وطبيعته التي تتيح للزوار اكتشاف الكتب القديمة والنادرة بأسعار في متناول الجميع، ما جعله متنفساً ثقافياً حقيقياً لسكان مدينة الدار البيضاء وزوارها.



