Home 5 مدونة 5 سنغور: شاعر، وفيلسوف، ورجل دولة

سنغور: شاعر، وفيلسوف، ورجل دولة

بواسطة | يناير 15, 2024 | مدونة, مقالات و تقارير

 

 

يعد الشاعر والأديب والرئيس السنغالي السابق ليوبولد سيدار سنغور (1906-2001)، شخصية بارزة في الأدب الإفريقي والعالمي، أسهم في نشر مفهوم الزنوجة (اعتراف المرء بواقع كونه أسود، وقبوله بهذا الواقع، وتقدير السود تاريخاً وثقافة،) والدفاع عنه، وهو ما جعله رائداً في استكشاف الهوية الإفريقية والتراث الثقافي من خلال الشعر، والنثر، والفلسفة.

 

ينبض شعر سنغور بإيقاعات القارة السمراء، من خلال دمجه العناصر الموسيقية والتقاليد الشفهية الإفريقية، لإثراء المشهد الأدبي والتأكيد على أهمية تراث إفريقيا المتنوع والاحتفاء به. وهو ما امتد إلى تناوله الآثار الاجتماعية والسياسية للاستعمار والسعي لإنهائه. ولذلك جاءت أشعاره مشبعة بالدعوة لاكتشاف الذات واستعادة الهوية الإفريقية، مع التركيز على حاجة الأفارقة إلى تعريف أنفسهم بشروطهم الخاصة. من خلال شعره، أصبح سنغور داعية لتفكيك العقليات الاستعمارية وإنشاء رواية إفريقية أكثر أصالة وثقة بذاتها.

 

تمتد براعة سنغور الأدبية إلى ما هو أبعد من الشعر إلى عالم الفلسفة. تشرح مقالاته، ولا سيما “الحرية الأولى: الزنوجة والإنسانية”، الأسس الفلسفية للزنوج، حيث جادل سنغور بأن الزنجية لم تكن شكلاً من أشكال التفرّد العنصري ولكنها حالة إنسانية عالمية متجذرة في مساهمة إفريقيا بالتجربة الإنسانية المشتركة، ولذلك حرص دائماً على تعزيز التواصل ومد الجسور مع مختلف الدول والثقافات.

 

وبعيداً عن عالم الشعر والأدب، امتد تأثير سنغور إلى الساحة السياسية باعتباره أول رئيس للسنغال (1960-1980)، والذي تنازل طوعاً عن الرئاسة مرشحاً عبدو ضيوف خلفاً له. وأظهر على مدار فترة حكمه التزاماً بالحفاظ على الثقافة والتعليم والتنمية الاقتصادية ليعكس بذلك مبادئ إرثه السياسي، ملهماً الفنانين والمثقفين والناشطين للتركيز على تنمية الإنسان الإفريقي.

 

إن رحلة ليوبولد سيدار سنغور الشعرية تمثل شهادة على قوة الأدب كمحفز للإصلاح الثقافي واكتشاف الذات. ومن خلال الزنوجة، لم يقم فقط بتعزيز مكانة الهوية الإفريقية، بل أسهم أيضاً في إثراء النقاش حول عالمية التجربة الإنسانية، والتأكيد على الروح الإفريقية نحو عالم أكثر عدلاً.

 

أخبار حديثة

08يوليو
معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب يحتفي بالمعرفة ويكرّم المفكر الراحل محمد بن عيسى

معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب يحتفي بالمعرفة ويكرّم المفكر الراحل محمد بن عيسى

وسط أجواء ثقافية نابضة بالحياة، افتتحت مكتبة الإسكندرية دورتها العشرين من المعرض الدولي للكتاب، الذي يستمر حتى 21 يوليو 2025، بمشاركة واسعة من دور النشر المصرية والعربية، وبدعم من الهيئة المصرية العامة للكتاب، واتحاد الناشرين المصريين والعرب.   ويحمل المعرض هذا العام طابعاً خاصاً، إذ يحتفي بمرور عشرين عاماً على انطلاقه، ويستقبل زواره بـ79 دار […]

07يوليو
جمعية الإمارات لحقوق النسخ توقع أول ترخيص جامعي لحماية النسخ بالدولة

جمعية الإمارات لحقوق النسخ توقع أول ترخيص جامعي لحماية النسخ بالدولة

أعلنت جمعية الإمارات لإدارة حقوق النسخ عن توقيع أول اتفاقية ترخيص جامعي من نوعها في الدولة مع جامعة هيريوت وات – دبي، لترسي بذلك نموذجاً رائداً في تنظيم استخدام المصنّفات الفكرية داخل المؤسسات التعليمية.   يأتي هذا التوقيع ثمرةً لمسار طموح وفعّال انتهجته الجمعية منذ تأسيسها، إذ استطاعت خلال فترة وجيزة لا تتجاوز ثلاث سنوات […]

03يوليو
هوية جديدة ورؤية عالمية

هوية جديدة ورؤية عالمية

في خطوة تُجسّد التزاماً طويل الأمد تجاه الثقافة والمعرفة، تواصل “إي آند” رعايتها للجائزة الدولية لأدب الطفل العربي، التي أطلقها المجلس الإماراتي لكتب اليافعين في عام 2009 تحت اسم “جائزة اتصالات لكتاب الطفل” برؤية من الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، المؤسسة والرئيسة الفخرية للمجلس الإماراتي لكتب اليافعين، بهدف الارتقاء […]

Related Posts

من الظل إلى القيادة: النساء في صناعة النشر

من الظل إلى القيادة: النساء في صناعة النشر

على مدار قرون، ظل الأدب البرازيلي محكوماً برؤية ذكورية تنعكس في المتن والسياق، لكن النساء البرازيليات لم يتوقفن عن الكتابة، حتى في ظل التهميش والإقصاء. إذ كتبت كثيرات في الظل، بأسماء مستعارة أو خلف واجهات اجتماعية مضطربة، لكن منذ النصف الثاني من القرن العشرين، بدأت...

لماذا لا يزال هيسه يُخاطبنا؟

لماذا لا يزال هيسه يُخاطبنا؟

في الثاني من شهر يوليو، حلّت ذكرى ولادة الكاتب الألماني الكبير هرمان هيسه (1877–1962)، أحد أبرز الأصوات الأدبية في القرن العشرين، والفائز بجائزة نوبل للآداب عام 1946، والذي عُرف بأعماله التي تلامس العمق الإنساني والروحي، وتدفع القارئ إلى مساءلة وجوده وتفكيك علاقته...

تجربة إماراتية رائدة في “البيبليوثيرابي”

تجربة إماراتية رائدة في “البيبليوثيرابي”

في زحام الحياة وتحدياتها المتزايدة، يبحث الإنسان عن سبل آمنة للتنفيس عن مشاعره ومداواة جراحه النفسية. وهنا تأتي القراءة بوصفها أكثر من مجرد هواية، بل طقساً داخلياً للتصالح مع الذات. فالكتاب لا يمنحنا الكلمات فحسب، بل يتيح لنا إمكانية رؤية انعكاساتنا في مواقف وتجارب...

Previous Next
Close
Test Caption
Test Description goes like this