أكد عدد من الروائيين الذين شاركوا في ندوة “دور الرواية في تشكيل المجتمع”، ضمن فعاليات الدورة 42 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، أن للأدب دور كبير في تشكيل المجتمعات إذا استطاع الكاتب التأثير في المنظومة القيمية.
وقال الروائي الدكتور طارق الطيّب: “أعيش في النمسا منذ 40 عاماً، وبدأت الكتابة هناك بعدما فقدت لغتي العربية، مستهدفاً الكتابة عن الأشخاص الذين أعرفهم، ثم تحوّلت للكتابة عن أشخاص خياليين، وانتقلت بهم بعد ذلك إلى قصة إلى الشعر وصولاً إلى الرواية”. وأضاف: “تحوّلت القصص الحقيقية في حياتي إلى روايات، فحين وصلت إلى النمسا لم أكن أعرف الألمانية، ومررت بعدة صدمات؛ أبرزها صوت اللغة وإيقاعها بسبب عدم قدرتي على فهم شيء، واستعضت عن ذلك بالنظر إلى الشخص لأفهم ما يعنيه، وهذا سبّب مشكلة كبيرة لي في البداية”.
وتابع: “حاولت فك رموز المجتمع النمساوي عن طريق الكتابة، وفيما بعد تغيّرت الأمور بمعرفتي اللغة الألمانية والثقافة إلى أن أصبحت الآن مُعلّماً للألمانية في الجامعة وأستاذاً لتحليل النص من الألمانية إلى العربية”.
وتحدّثت الروائية الإماراتية فتحية النمر عن تجربتها قائلة: “بدأت الكتابة في عمر الأربعين، وصدر لي حتى الآن 12 رواية، لكني أعتبر أنني وصلت إلى مرحلة تقدير الذات التي تعني أنني أتفرّغ لنفسي وكتاباتي. وبالنسبة للكتابات؛ لا أستطيع كتابة شيء لم أعشه أو أحس به، فلابد أن هناك تجارب إما خضتها بشكل شخصي أو سمعت عنها، وفي البداية كتبت 3 روايات منها واحدة عن تجربة شخصية وهي بعنوان “السقوط إلى أعلى”، أما الثانية والثالثة عن تجارب لشخصيات أعرفها”.
وأضافت: “أؤمن بأن للأدب دور كبير في تشكيل المجتمعات، والكاتب الذي يستطيع التأثير في المنظومة القيمية يكون قد نجح بصورة كبيرة في تحقيق هدفه، فالأدب للمتعة وكذلك للفائدة”.
أما الكاتبة والروائية الكويتية بثينة العيسى فقالت: “بدأت الكتابة في مرحلة مبكرة عام 1990 وكان بلدي تحت الاحتلال حينها، وكنت أكتب مذكراتي وخواطري بلغة ركيكة، لكني كنت أشعر بكم من الراحة والألفة جعلتني لا أكف عن الكتابة حتى يومنا هذا. وأضافت: “منذ 7 سنوات وأنا أجد صعوبة في الكتابة عن التجارب المباشرة، فجميعنا نبدأ من نصيحة ماركيز التي تقول: من الذكاء أن تبدأ بالكتابة عما تعرف، وكلنا لدينا قصص أولى تمثل التمارين الأولية التي ننتقل منها إلى شكل أكثر نضجاً لمشروعنا الأدبي”.
وتابعت: “في رواياتي كنت أكتب عن شخصيات تشبهني وعن البيت الكويتي، حتى قررت ذات يوم أن أكتب عما لا أعرف، وفوجئت بوالد أبنائي يطلب مني الكتابة عن قصة طفل تائه، وبالفعل أصدرت الرواية ومن حينها لم أعد أرغب في الكتابة عما أعرف، لأن الكتابة عما لا أعرف أشبه بالمغامرة”.
واختتمت الروائية البريطانية إليزابيث س. مور، الجلسة بالقول: “تمثل الروايات جسراً ينقل الثقافات المختلفة، وهو ما وضح جلياً من اهتمام العديد من القراء بالأعمال الخالدة للكتب الكلاسيكية مثل أعمال شكسبير”. وأشارت إلى أن تحويل الروايات إلى قصص يمثل تحدياً ممتعاً؛ فكل شخص له قصة حياتية مختلفة وتجارب عديدة تمثل صدمات، ومن ثم لا يمكن أن تتصالح من نفسك أحياناً إلا بعد أن تمضي بك سنوات العمر وتصل إلى النضوج الفكري.