أجمع اثنين من الروائيين العرب الشباب على أن الكتابة عن الموت تمنح الإنسان مساحة واسعة للإبداع، لأنه عبارة عن خيال، يمكن التعبير عنه بحرية “نسبية”، رغم وجود بعض القيود الاجتماعية التي تحول أحياناً دون تمكن الكاتب من وصف الموت بالطريقة التي يريدها، وأكدا أن الموت شيء مقدس عند عامة الناس، ولكنه في الواقع حياة أخرى، تستحق الكتابة عنها ووصف كيفية فهمنا لها وتعاملنا معها.
وقال الروائي والناقد المصري طارق إمام خلال مشاركته في ندوة “الموت في الكتابة” إلى جانب الكاتب والناشر الكويتي خالد النصر الله ضمن ندوات مهرجان طيران الإمارات للآداب 2020، إن الموت نقيض الحياة ولكنه أيضاً سؤال الحياة، بل قد يكون كذلك ميداناً للجمال، كما هو الحال في الثقافة المصرية على سبيل المثال، التي يتجسد فيها الموت بشواهد القبور، والأضرحة، والمعابد الفرعونية.
وأشار إمام إلى أن كل ما يخص الموت أصبحنا نضفي عليه دلالات من الحياة، بل وأن نحتفي به أحياناً لأننا نريد أن نحوله من غياب إلى حضور، وأن نتصالح معه لأن “الحياة قصيرة والموت طويل”، مضيفاً أننا نعيش بين موتين: “موت عادي” لدرجة قد يمحى فيها اسم الميت من على شاهد القبر، و”موت مقدس” تتحول فيها القبور إلى عروش يقصدها بعض الناس للتبرك بها وطلب شيء من أصحابها.
من ناحيته أكد خالد النصر الله أن الموت مجهول، والإنسان دائماً إما يبحث في هذا المجهول أو يخاف منه لأنه يربطه بالعذاب، منتقداً قلة المصادر العربية المتاحة عن أدب الموت، رغم أن الكتابة عنه قد تكون تصالحاً معه باعتباره مرحلة، فالإنسان يموت ولكن موجات الوعي عنده لا تموت، وبالتالي فهي شيء يمكن التعبير عنه ووصفه، فالموت قد يكون مادة دسمة للكتابة.
وقال النصر الله: “مسؤولية الكاتب هو أن يعطي القضية صوتها، حتى لو كانت هذه القضية هي الموت، كما أن النص الناجح هو المتعدد التأويل، لأنه يؤثر في كل شخص بشكل مختلف، فكل إنسان يفضل طريقة معينة للموت، وهذه الاختلافات هي ما تمنح الكتابة فرصة أكبر للإبداع”.