في جلسة نقاشية استضافت كلاً من الكاتب والروائي الأريتري حجي جابر، والروائي النيجيري نامدي إهيريم، سلطت الدورة الـ38 من معرض الشارقة الدولي للكتاب 2019، الضوء على الرواية الأفريقية بوصفها عنصراً وجزءاً أصيلاً من الأدب الأفريقي، وبحثت الجلسة في مدى قدرة الرواية الأفريقية على توفير مساحة لسماع أصوات شعوب القارة السمراء.
وفي مستهل حديثه أكد حجي جابر عدم انشغاله كثيراً بالتصنيفات، وقال: “عادةً ما أكتب أعمالي الرواية دون التركيز على هذه الاعتبارات التي تصنف الأدب على أساس مناطقي وجغرافي أو غيره، فهذه الاعتبارات والتصنيفات لها من ينشغل بها ويفكر فيها كالنقاد وغيرهم، وفي شأن الأدب الأفريقي يزداد الأمر صعوبة، لا سيما وأن هناك من ينادي بفكرة جمع أدب القارة السمراء تحت عنوان واحد، وعلى سبيل المثال هل يمكننا اليوم الحديث عن أفريقيا كجسم واحد؟ وهل ارتيريا التي أنتمي لها تشترك تماماً مع نيجيريا؟!”.
وأكد جابر أنه ضد التصنيف ويعتبره جاء من الخارج، ولفت إلى أن من أكبر مساوىء التصنيف هو إخراج حالة الأدب من كونه منتجاً إنسانياً في العموم، وأضاف: “نحن نلتقي كبشر في الدرجة الأولى ولا يهم بأي لغة نكتب طالما أن هناك ترجمة”.
وأضاف جابر: “في المواضيع التي اشتهر بها ما يسمى بالأدب الأفريقي هناك الكثير من القضايا التي سلّط عليها الضوء بشكل مقصود، فمثلاً حينما أراد الرجل الأوروبي أن يُعلي من شأن مواضيع بعينها سمح لها بالرواج والانتشار، ولذلك نجد أنه عندما أصبحت العبودية والرق أمراً يجب التخلص والتطهر منه سمح بإعلاء الأدب الذي يركز على فكرة العبودية والرق ويناهضهما، والأمر ينطبق كذلك على انتهاء حقبة الاستعمار الجغرافي الحقيقي حيث تم الإعلاء من شأن الأدب الذي يناقش هذا الموضوع”.
واتفق نامدي إهيريم مع حجي جابر في عدم اهتمامه بتصنيف الأدب وقال: “في جيلي من كُتاب اليوم في القارة الأفريقية هناك الكثير ممن يكتب عن أوروبا وأمريكا بشكل سردي، ومعظمهم يكتبون باللغة الإنجليزية الأوروبية وعندما يحتاجون التواصل مع القارئ المحلي يلجؤون إلى ترجمة الأعمال إلى اللغات المحلية، وكل هذا يؤكد أنه لا يوجد عنصر مشترك يمكن أن نضع من خلاله الرواية الأفريقية في قالب واحد، فهي عابرة للحدود، ومن جانبي أرى أن الهوية يجب أن تكون هوية سردية وليست مناطقية أو جغرافية كما يذهب البعض”.
وفي نهاية الجلسة اتفق كل من حجي جابر ونامدي إهيريم، على أن التصنيف غير مهم، وأن المهم هو الكتابة في حد ذاتها أياً كانت هويتها وبأي لغة كتبت، وأشارا إلى أن هناك تحديات كبيرة تواجه وصول ما يطلق عليه مجازاً بالأدب الأفريقي إلى القراء في المنطقة العربية، وأكدا على أن الأدب الذي يكتبه سكان القارة الافريقية لا يتسنى له الوصول إلى المنطقة العربية إلا عبر وسيط أوروبي يقوم أولاً بالتنقيح واختيار ما يراه مناسباً، ولفتا إلى أن أحد أبرز مساوىء صناعة النشر في العالم العربي يتمثل في عدم التوجه إلى أفريقيا بشكل مباشر وانتظار ما يترجمه الناشر الأوروبي.