Home 5 مقالات و تقارير 5 تسويق الكتْاب.. حرفة تتطلب مهارات وخططا إعلامية مدروسة

تسويق الكتْاب.. حرفة تتطلب مهارات وخططا إعلامية مدروسة

بواسطة | مايو 4, 2017 | مقالات و تقارير

يواجه سوق الكتاب في العالم العربي سلسلة من الأزمات التي تضعه أمام خيارات جديدة في النشر، والتوزيع، والبيع، إذ لا تتوقف التقارير الاقتصادية عن الإشارة إلى معدلات ارتفاع أسعار الورق، والأحبار، وتكلفة التوزيع والشحن، في الوقت الذي يشكل الكتاب الإلكتروني تهديداً لحياة الكتاب الورقي، إضافة إلى أن مستويات القراءة العربية تشير إلى أرقام فاجعة، منها ما يؤكد أن الفرد العربي يقرأ بمعدل ثماني دقائق سنوياً، ومنها ما يشير إلى أنها لا تصل إلى ربع صفحة في العام!

تتأكد هذه الحالة الراهنة للكتاب في تقارير مختلفة للتنمية الإنسانية العربية، ففي تقريرها للعام 2003 كانت أزمة الكتاب العربية تأخذ طريقها لتتنامى بصورة واضحة، فذكر التقرير: “إن تراجع الإصدارات الحديثة من الكتب، وتناقص الكميات المطبوعة من كل الإصدارات يصل في أحيان كثيرة لدى عدد غير قليل من دور النشر إلى بضع مئات، وهذا ما يجعل صناعة الكتاب غير مجدية اقتصادياً، أو محدودة المردود، للحد الذي دفع بعض دور النشر إلى تجنب المشاريع الكبرى، أو الكتب العلمية والثقافية الجادة”.

يفرض هذا الواقع تساؤلات عديدة على صُنّاع النشر في العالم العربي، خاصة أن تلك الأزمات لا تواجه البلدان العربية وحسب، وإنما تظهر في مختلف بلدان العالم، إلا أن الكثير من أسواق الكتاب نجحت في تجاوزها، ولا زالت الكثير من المؤلفات في أمريكا والقارة الأوروبية تباع بملايين النسخ وتحقق إيرادات توازي إيرادات مشاريع ربحية كبرى في بلدان العالم الثالث، فما هي الآليات التي تلجأ إليها الأسواق العالمية لترويج الكتاب؟ وما هي حكاية الكتب الأكثر مبيعاً؟ وهل استفاد محترفو التسويق من التكنولوجيا الحديثة ووظفوا قدراتها لتسويق الكتاب الورقي؟ وهل يراعي الناشرون المحترفون آراء القراء في طباعة الكتب والإصدارات الجديدة؟

 

تنكشف الإجابة على مجمل تلك الأسئلة بالرجوع إلى التقارير والأرقام التي تحقق المقارنة بين سوق الكتاب العربي وسوق الكتاب الغربي، فوفق إحصاءات صادرة عن اتحاد الناشرين العرب تصل عدد النسخ المطبوعة من الكتاب العربي إلى ما بين ألف إلى ألفي كتاب، في الوقت الذي تحقق أضعاف ذلك في الأسواق الأمريكية والأوروبية.

ليس ذلك وحده ما يشير إلى رجوع حال التسويق والبيع في الكتاب العربي، فالكثير من دور النشر – وفق تقارير النشر العربية – تطبع خمسمائة نسخة من الكتاب، وتعتمد أساليب جديدة في الطباعة لا تعد طباعة بالمعنى التقني وإنما تصويراً سريعاً، الأمر الذي يجعل أمكانية الطباعة بأعداد قليلة متاحاً على عكس الطابعات التقليدية التي تحدد ألف نسخة في الدورة الواحدة للطباعة.

 

“الأكثر مبيعاً”.. خدعة ناجحة!

في الوقت الذي يلجأ الناشر العربي إلى هذه التقنيات تماشياً مع واقع القراءة في العالم العربي، يطرح الناشر الأوروبي حلولاً فعالة لتحقيق مستويات أعلى من نشر الكتاب، ويحقق إيرادات مدروسة، فيصنع واحدة من المفاهيم الرائجة في سوق النشر العالمي اليوم والمعروفة بـ”الكتب الأكثر مبيعاً”، وهي حيلة تقنية يوظفها الناشر الغربي لتحقيق الاقبال على الكتاب وتعميم حضوره في الأسواق العالمية، إضافة إلى أنه يجري دراسات على معدلات التوزيع ومنافذه، فيقدر حجم النسخ الصادرة من كل مؤلف لتصل في كثير من الأحيان إلى عشرة آلاف نسخة من كل طبعة.

ليس ذلك وحسب، فالكاتب والناشر فتحي البس، مدير دار الشروق للنشر والتوزيع بالأردن، في بحث له حول واقع النشر الغربي والعربي، يشير إلى أن الناشر الأوربي يلجأ إلى آليات إعادة التدوير الجارية في سوق توفير استخدام الورق، فالمؤلفات التي تلاقي كساداً واضحاً وتحقق نسبة عالية من الطبعات الراجعة تلاقي طريقاً أخرى للنفاذ تسترد جانباً من تكاليف إصدارها، عبر مصانع التدوير التي تعيد إنتاج الورق.

يتوقف الباحث والناقد عبد الله الغذامي في كتابه “اليد واللسان” الصادر عن المركز الثقافي العربي، عند مفهوم “الكتاب الأكثر مبيعاً”، ويعرض الخطط التي يتبعها الناشر لتفعيل هذه العبارة الترويجية، فيتوقف عند ثلاثة نماذج من المؤلفات لاقت رواجاً كبيراً عربياً، وعالمياً، هي؛ كتاب “لا تحزن” لعائض القرني، وكتاب “تصرفي كامرأة، وفكري كرجل” لستيف هارفي، وكتاب “الاستجابة والاسترخاء” لمؤلفه هربرت بنسون.

يخلص الغذامي في كتابه هذا إلى أن تلك الكتب لاقت ما لاقته من رواج بالاستناد إلى معايير ومحددات عديدة، فيقول: “لن نتعرف على حقيقة هذه الكتب إلا عبر التعرف على ظروف الاستجابة، فالذي يجعلها أكثر مبيعاً هو ملامستها لدافع ذاتي عند مستقبليها، وسنجد أدلة على هذه الدوافع إما عبر الاستطلاع أو عدد من ملامحها الأساسية المؤثرة في صناعة الكتاب”.

يتأكد هذا الطرح في الحكاية الشهيرة لكتاب “كل ما يعرفه الرجال عن النساء: حقيقة الأمر” لمؤلفه العالمي آلان فرانسيس، إذ طرح المؤلف كتابه في الأسواق وسرعان ما لاقى رواجاً كبيراً، فكانت نسخه تباع مغلّفة بغلاف بلاستيكي شفاف، تجعل القارئ على شغف بما سيصل إليه بعد هذا العنوان، إلا أن المفاجأة حدثت حين فتح القراء الكتاب ووجدوا صفحاته بيضاء فارغة من أوله إلى آخره!

تشير هذه الحكاية إلى تقنيات التسويق التي تراهن على دوافع القراء، وتصل إلى جوهر شغفهم، فالمتأمل في الكتب التي حملت إشارة “أكثر الكتب مبيعاً” يجد أنها تكاد تكون بلا قيمة ثقافية فكرية عميقة، وغالبها يحاكي وجدان القارئ، ومشاعره، ويحاول حل مشكلاته المعاصرة.

 

توظيف التكنولوجيا لتسويق الكتاب

مقابل هذه الحيل التي يلجأ إليها كبار العاملين في سوق النشر بالعالم، يظهر طرف جديد لمعادلة رواج الكتاب، ويتمثل في توظيف وسائل التكنولوجيا الحديثة في التسويق، إذ عملت دور النشر الغربية على تفعيل حضورها على الإنترنت، وفعّلت أنماط الشراء الإلكتروني، في الوقت الذي ظل الكثير من الناشرين العرب يجد في الوسائل الحديثة محل تخوف وتهديد لسوقه وتجارته.

تشير الأرقام الصادرة حول تسارع استخدام الكمبيوتر وتمدد الإنترنت في العالم، إلى واقع جديد يفتح الباب على سوق واسع يمكن استثماره في صناعة النشر العربي، إذ “يشبك 350000 شخص جديد على الشبكة العنكبوتية كل يوم، ويتم تصميم أربعة مواقع جديدة على الشبكة كل ثانية، أما عدد الكمبيوترات فهو بازدياد كبير، فإذا بيع 50000 كمبيوتر في عام 1980، فالآن يتم بيع 50000 كل يوم في العالم”.

يضع هذا الواقع المتسارع الناشر العربي والكاتب أمام فضاء واسع ينبغي العمل على استغلاله، وتفعيل إمكانياته لزيادة معدلات بيع الكتاب وانتشاره، ففي تقرير نشرته مجلة آفاق مستقبلية: “تصل مبيعات الكتب عبر متجر الكتب الإلكترونية “نيل وفرات” إلى 30 ألف كتاب سنوياً”، وهذا ما يشكل إضافة جديدة لأنماط البيع التقليدية القائمة بدور العرض، ومعارض الكتب وغيرها من منافذ التسويق”.

إلى جانب هذه الوسائل والآليات التي تسهم في ترويج الكتاب وتفعيل حضوره، لا يمكن إغفال جهود الآلة الإعلامية في الإعلان عن الكتب الصادرة حديثاً، وهذا يشكل عالماً آخر في الثقافة الأوروبية، فالكثير من الأسماء الإعلامية الكبيرة ما إن تكتب حول مؤلف جديد حتى تزداد مبيعاته في اليوم الذي يليه، وهذا يتم وفق معايير عديدة منها أهمية الكاتب، وأهمية الوسيلة الإعلامية، إضافة إلى الاتفاقيات السرية والعلاقات بين بعض الصحف ودور النشر الكبرى.

أخبار حديثة

28يناير
قرنح يستكشف دور الأدب في توحيد الإنسانية

قرنح يستكشف دور الأدب في توحيد الإنسانية

استضاف مهرجان الشارقة للأدب الإفريقي في دورته الأولى التي اختتمت يوم 27 يناير 2025، الروائي التنزاني عبد الرزاق قرنح، الحاصل على جائزة نوبل للآداب 2021، خلال أمسية أدبية أدارتها الكاتبة الإماراتية إيمان اليوسف، لاستكشاف عوالم قرنح الأدبية المدهشة، والموضوعات المختلفة التي يتناولها في رواياته، وخاصةً روايته “حياة لاحقة” التي تميّزت بتعمقها في قضايا إنسانية كبرى. […]

23يناير
“جانوسكيفيتش” تقدم هاري بوتر لقراء بيلاروسيا

“جانوسكيفيتش” تقدم هاري بوتر لقراء بيلاروسيا

حصلت “جانوسكيفيتش” Januškevič، وهي دار نشر بيلاروسية تعمل حالياً من بولندا، على حقوق نشر سلسلة “هاري بوتر” لجيه كيه رولينج باللغة البيلاروسية. وكان أصحاب حقوق النشر قد رفضوا سابقاً منح حقوق الترجمة بسبب العقوبات الدولية المفروضة على بيلاروسيا، ووجهات نظر رولينج الخاصة بشأن هذه المسألة. ومع ذلك، وبعد مفاوضات مطولة وجهود مناصرة، تمكنت دار “جانوسكيفيتش” […]

18يناير
انطلاق مهرجان الشارقة للآداب بنسخته الأولى

انطلاق مهرجان الشارقة للآداب بنسخته الأولى

افتتحت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب والرئيسة الفخرية لجمعية الناشرين الإماراتيين، النسخة الأولى من مهرجان الشارقة للآداب الذي يُقام برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.   وتحت شعار “حكايات الإمارات تُلهم المستقبل”، يهدف المهرجان إلى تسليط الضوء على الإبداع […]

Related Posts

التحول الرقمي ينقذ الأدب الأسترالي من الانقراض

التحول الرقمي ينقذ الأدب الأسترالي من الانقراض

أُعيد إحياء أكثر من 160 كتاباً لمؤلفين أستراليين بارزين، بما في ذلك ستة فائزين بجائزة مايلز فرانكلين الأدبية، من خلال مشروع "Untapped" (غير مُستغل) الذي استمر لمدة ثلاث سنوات وانتهى في ديسمبر 2024. وشمل المشروع إعادة نشر أعمال لثيا أستلي، وميم فوكس، وشارميان كليفت،...

المكتبات السورية.. تراث محفوظ رغم التحديات

المكتبات السورية.. تراث محفوظ رغم التحديات

تُعد سوريا واحدة من أقدم مناطق العالم التي عرفت الحضارة والكتابة، ما جعلها مركزاً مهماً للمعرفة والثقافة على مر العصور. ومنذ الألف الثالث قبل الميلاد، شهدت سوريا ميلاد مكتبات كانت تمثل مراكز لتوثيق الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية. من أبرز هذه المكتبات القديمة...

أربعة كتب ضرورية لفهم تاريخ سوريا ومصيرها

أربعة كتب ضرورية لفهم تاريخ سوريا ومصيرها

ألهم تاريخ سوريا، إحدى أقدم الحضارات في العالم، أعمالاً أدبية وتاريخية مهمة. وتتشابك هذه الكتب مع الثراء الثقافي لسوريا، والصراعات السياسية، والرؤى للمستقبل. وفيما يلي أربعة كتب شهيرة تستكشف هذه الموضوعات:   تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين - فيليب حتي يقدّم عمل الدكتور...

Previous Next
Close
Test Caption
Test Description goes like this

Pin It on Pinterest