Home 5 مقالات و تقارير 5 تجربة إماراتية رائدة في “البيبليوثيرابي”

تجربة إماراتية رائدة في “البيبليوثيرابي”

بواسطة | يوليو 2, 2025 | مقالات و تقارير

في زحام الحياة وتحدياتها المتزايدة، يبحث الإنسان عن سبل آمنة للتنفيس عن مشاعره ومداواة جراحه النفسية. وهنا تأتي القراءة بوصفها أكثر من مجرد هواية، بل طقساً داخلياً للتصالح مع الذات. فالكتاب لا يمنحنا الكلمات فحسب، بل يتيح لنا إمكانية رؤية انعكاساتنا في مواقف وتجارب تشبهنا، مهما اختلفت عنا شكلاً أو زمناً.

 

من هذا المنطلق، وُلد مفهوم “العلاج بالقراءة” أو ما يُعرف بـ”البيبليوثيرابي”، والذي يعتمد على قوة النصوص في فتح نوافذ الأمل، وبناء الجسور بين التجربة الشخصية والمخزون الجمعي للقصص والحكايات. وهو أسلوب عُرف منذ القدم، لكنه بات اليوم يحظى باعتراف متزايد من قبل الأخصائيين النفسيين والمربين، الذين وجدوا في الأدب وسيلة فعّالة للتهدئة، والتوجيه، وإعادة التوازن العاطفي.

 

ومن هنا، يمكن القول إن الكتب ليست مجرد وسيلة للمعرفة أو التسلية، بل يمكن أن تكون ملاذاً للروح، وأداة فعّالة لمواجهة الأزمات النفسية. وهذا ما تؤمن به “القراءة العلاجية”، التي تسمح للقارئ بأن يجد نفسه في النص، ويعيد تأطير مشاعره من خلال التماهي مع الشخصيات أو تأمل الأحداث. فالكلمات تخفف الأعباء، وتُظهر للطفل أو اليافع أن ما يشعر به ليس غريباً أو معيباً، بل إنسانيّ بامتياز.

 

وقد بادر المجلس الإماراتي لكتب اليافعين منذ عام 2017، إلى تنظيم سلسلة ورش مكثفة لتأهيل أول فريق إماراتي متخصص بالعلاج بالقراءة. وشكّل هذا الفريق نواة حقيقية لجهود ممنهجة شارك فيها كتّاب وناشرون وأخصائيون نفسيون، بهدف تسخير الأدب لتحسين الصحة النفسية للأطفال واليافعين. ونتج عن هذا الجهد المشترك إعداد قائمة عربية بالكتب المناسبة لاستخدامها مع الأطفال الذين يعيشون أوضاعاً صعبة، ولا سيما من تأثروا بالحروب أو الكوارث أو الاضطرابات.

 

وفي عام 2018، قام المجلس بإعداد أول دليل عربي متخصص في القراءة العلاجية، والذي شكّل مرجعاً عملياً ونظرياً، يتضمن مراحل العلاج بالقراءة، وفروقها عن الأساليب الطبية البحتة، ووفر أدوات لاختيار النصوص المناسبة لكل حالة. وقد صدر الدليل في عام 2021 عن مجموعة كلمات، ليملأ فراغاً كبيراً في المكتبة العربية، ويقدَّم بوصفه نموذجاً قابلاً للتطبيق في المدارس، والمكتبات، والمراكز العلاجية.

 

ولعل ما يميّز هذه التجربة هو انفتاحها على مختلف أشكال الكتب، بما فيها الكتب الصامتة، التي أثبتت فعاليتها في البرامج العلاجية، خصوصاً مع الأطفال الذين لا يجيدون القراءة بعد، أو الذين يعيشون في بيئات متعددة اللغات. فهذه الكتب تتيح للقارئ إنتاج المعنى بنفسه، والتعبير عن مشاعره بحرية، من دون توجيه مباشر. وقد حرص المجلس على تنظيم معارض متخصصة في هذا النوع من الكتب، وتضمينها ضمن أدوات العلاج بالقراءة.

 

وفي زمن تزداد فيه الحاجة إلى دعم الصحة النفسية للأطفال واليافعين، تأتي مبادرة المجلس الإماراتي لكتب اليافعين لتقدّم نموذجاً يحتذى به، يجمع بين الأدب والعلاج في بوتقة واحدة. فمن خلال هذا المشروع، لم يوفر المجلس كتباً فقط، بل قدّم أملاً، ومساحات آمنة للتعبير، ورسائل ضمنية تقول لكل طفل: “أنت لست وحدك، هناك قصة تشبهك، وهناك طريق للتعافي والتفاؤل بالغد”.

 

أخبار حديثة

08يوليو
معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب يحتفي بالمعرفة ويكرّم المفكر الراحل محمد بن عيسى

معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب يحتفي بالمعرفة ويكرّم المفكر الراحل محمد بن عيسى

وسط أجواء ثقافية نابضة بالحياة، افتتحت مكتبة الإسكندرية دورتها العشرين من المعرض الدولي للكتاب، الذي يستمر حتى 21 يوليو 2025، بمشاركة واسعة من دور النشر المصرية والعربية، وبدعم من الهيئة المصرية العامة للكتاب، واتحاد الناشرين المصريين والعرب.   ويحمل المعرض هذا العام طابعاً خاصاً، إذ يحتفي بمرور عشرين عاماً على انطلاقه، ويستقبل زواره بـ79 دار […]

07يوليو
جمعية الإمارات لحقوق النسخ توقع أول ترخيص جامعي لحماية النسخ بالدولة

جمعية الإمارات لحقوق النسخ توقع أول ترخيص جامعي لحماية النسخ بالدولة

أعلنت جمعية الإمارات لإدارة حقوق النسخ عن توقيع أول اتفاقية ترخيص جامعي من نوعها في الدولة مع جامعة هيريوت وات – دبي، لترسي بذلك نموذجاً رائداً في تنظيم استخدام المصنّفات الفكرية داخل المؤسسات التعليمية.   يأتي هذا التوقيع ثمرةً لمسار طموح وفعّال انتهجته الجمعية منذ تأسيسها، إذ استطاعت خلال فترة وجيزة لا تتجاوز ثلاث سنوات […]

03يوليو
هوية جديدة ورؤية عالمية

هوية جديدة ورؤية عالمية

في خطوة تُجسّد التزاماً طويل الأمد تجاه الثقافة والمعرفة، تواصل “إي آند” رعايتها للجائزة الدولية لأدب الطفل العربي، التي أطلقها المجلس الإماراتي لكتب اليافعين في عام 2009 تحت اسم “جائزة اتصالات لكتاب الطفل” برؤية من الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، المؤسسة والرئيسة الفخرية للمجلس الإماراتي لكتب اليافعين، بهدف الارتقاء […]

Related Posts

من الظل إلى القيادة: النساء في صناعة النشر

من الظل إلى القيادة: النساء في صناعة النشر

على مدار قرون، ظل الأدب البرازيلي محكوماً برؤية ذكورية تنعكس في المتن والسياق، لكن النساء البرازيليات لم يتوقفن عن الكتابة، حتى في ظل التهميش والإقصاء. إذ كتبت كثيرات في الظل، بأسماء مستعارة أو خلف واجهات اجتماعية مضطربة، لكن منذ النصف الثاني من القرن العشرين، بدأت...

لماذا لا يزال هيسه يُخاطبنا؟

لماذا لا يزال هيسه يُخاطبنا؟

في الثاني من شهر يوليو، حلّت ذكرى ولادة الكاتب الألماني الكبير هرمان هيسه (1877–1962)، أحد أبرز الأصوات الأدبية في القرن العشرين، والفائز بجائزة نوبل للآداب عام 1946، والذي عُرف بأعماله التي تلامس العمق الإنساني والروحي، وتدفع القارئ إلى مساءلة وجوده وتفكيك علاقته...

وريثة الواقعية السحرية: هل حافظت إيزابيل الليندي على شعلة ماركيز؟

وريثة الواقعية السحرية: هل حافظت إيزابيل الليندي على شعلة ماركيز؟

لم يكن غابرييل غارسيا ماركيز مجرد روائي قدّم أدباً جميلاً، بل شكّلت أعماله لحظة فاصلة في السرد العالمي، إذ حوّل الواقعية السحرية من ظاهرة محلية إلى تيار أدبي عالمي. وبينما كان تأثيره يزدهر في ثمانينيات القرن الماضي، ظهرت إيزابيل الليندي كرؤية موازية، تحمل المفردات...

Previous Next
Close
Test Caption
Test Description goes like this