يستعد أحد أشهر قادة صناعة النشر العربي والعالمي، اللبناني ناصر جرّوس، لنشر مذكراته في يناير 2021، باللغة العربية أولاً ثم باللغة الإنجليزية، من قبل دار النشر الخاصة به، جروس برس، ومقرها طرابلس. وسيتضمن الكتاب محطات من خبرته المهنية على مدار أكثر من 40 عامًا في هذا المجال.
وقال الناشر اللبناني الشهير: “أصدرت هذا الكتاب من أجل أولادي، لأوضح لهم أن الحياة ليست سهلة ولا شيء ثابت”. أريد أن أقول لهم: إن هناك صعوبات وتحديات، لكن بالإرادة القوية والحب والتضامن يمكننا أن نخرج. لا تستسلموا – تعلّموا من أخطائكم لأنها جزء من طريقكم إلى النجاح”.
وعلى مدى سنوات عديدة، عمل جروس بمثابة سفير ثقافي بين الشرق والغرب، ما مهد الطريق أمام مزيد من التعاون بين الناشرين العرب والأجانب، وتسهيل مشاركة دور النشر الأجنبية في معارض الكتاب العربي، ورغم ذلك أكد في مذكراته أن النشر العربي “مازال ضعيفاً وبحاجة إلى تحديث وتطوير”. مضيفاً: “غالبية الناشرين العرب محجوبون عن التطور نتيجة نقص الموارد المالية، فضلًا عن ضعف الأسواق التي تفاقمت بسبب إلغاء معارض الكتب وإغلاق المكتبات بعد انتشار فيروس كورونا المستجد”.
وأكد أنه باستثناء دولة الإمارات العربية المتحدة – وخاصة إمارة الشارقة – التي تدعم الكتاب والمؤلفين، تغيب الدول العربية عن مد يد العون لقطاع النشر. وإذا ظل الوضع على ما هو عليه، فلن يكون هناك مستقبل لهذا القطاع، وستغلق العديد من دور النشر.
وأشار جروس إلى أن دور النشر العربية تعاني من “أزمة القرصنة وحرية التعبير التي تحد من الإبداع وسهولة تسويق الكتب العربية في العالم”. وأضاف: “الغالبية العظمى من دور النشر العربية لم يتم تأسيسها بطريقة مهنية وعلمية، والعديد منها يفتقر إلى الخبرة والمعرفة في كيفية مواجهة الأزمات التي تعيق صناعة النشر”.
ولهذا السبب طالب مؤسس “جروس بروس” بضرورة تدريب الناشرين العرب، إلى جانب قيام المؤسسات الثقافية الدولية مثل المجلس الثقافي البريطاني، ومعهد جوته الألماني، وغيرهما، بمضاعفة الجهود للتعريف بثقافات وآداب مختلف البلدان لتعزيز التعاون في مجال النشر.
عمل جروس في بداية حياته المهنية بمجال المحاماة، وانضم عام 1978 إلى شركة لتوزيع الكتب والمجلات أسسها والده، وسرعان ما أضاف إليها نشر الكتب. أصبح عضواً في مجلس إدارة اتحاد الناشرين اللبنانيين عام 1990، وتولى رئاسة معرض بيروت العربي الدولي للكتاب لمدة 7 سنوات حتى عام 2001.
في عام 2000 مهد الطريق للعالم العربي ليكون ضيف شرف معرض فرانكفورت للكتاب، وهو ما تطور لاحقاً ليشمل معرض لندن للكتاب ومعارض الكتب في الولايات المتحدة، وعن ذلك قال: “فتحت هذه العلاقات الطريق أمام صناعة نشر الكتب العالمية لدخول عالمنا العربي. في المقابل، استفاد الناشرون العرب من الخبرة الدولية. كانت فترة مليئة بالتطورات والإنجازات والتعاون المثمر”.
في الأسابيع الأخيرة، شعر جروس بالحزن لقرار إلغاء معرض “بوك إكسبو”، مبدياً قلقه من عدم وجود اهتمام حكومي بدعم صناعة الكتاب وقطاع النشر في الولايات المتحدة، ولكنه يأمل أن تنظر الإدارة الجديدة في عهد الرئيس بايدن إلى صناعة الكتاب بشكل أكثر إيجابية.