Home 5 مقالات و تقارير 5 “المركز الوطني للكتاب”.. مشروع متعثّر بين تونس والجزائر

“المركز الوطني للكتاب”.. مشروع متعثّر بين تونس والجزائر

بواسطة | أغسطس 1, 2018 | مقالات و تقارير

محمد علاوة حاجي

 

في نهاية أكتوبر/ تشرين الأول 2017، أعلنت وزارة الثقافة التونسية عن اهتمام الوزير، محمد زين العابدين، بإطلاق “المركز الوطني للكتاب” وهو مشروع يعود إلى سنوات سابقة، وظل حاضراً على طاولة أكثر من وزير، ولكنه في كل مرة يعود إلى النسيان.

“المركز” الذي يريده البعض منصّة إدارية تمثّل كل المتداخلين في قطاع النشر في تونس، وتساعد في تجاوز الكثير من الروتين البيروقراطي، يبدو أن تأخير شروعه في العمل يعود هو الآخر لوجود الكثير من البيروقراطية وتعطّل صدور قانونه الأساسي وتحدّد ملامحه بوضوح، مثل كيفية انتقاء أعضائه ومقرّه ودوره على خلفية وجود مصالح أخرى تشرف على قطاع الكتاب.

بهذا الوضع ما الذي يمكن انتظاره من عودة الحديث عن “المركز الوطني للكتاب” في تونس؟ ربما تجدر هنا العودة إلى مشروع شبيه في الجارة الجزائر، والذي يحمل الاسم ذاته، تأسس في 2009، ولكن حين تسأل أكثر المطلعين على عالم الكتاب في الجزائر فلن تجد إجابة عن دور “المركز” أو ما حققه، ليس على مستوى تقديم إضافة إلى منظومة النشر فحسب، فحتى أدواره المعلنة في توفير دراسات وإحصائيات خاصة بالكتاب والقراءة لم يجر توفيرها.

قد لا تكون توجّهات “مركز للكتاب” في تونس نفسها في الجزائر، لاختلافات كثيرة في واقع النشر بين البلدين رغم تجاورهما، إلا أن ضبابية المنطلقات تبدو سبباً رئيسياً في تعثّر التجربة الجزائرية، ولا يبدو أن الحال في تونس أفضل، إذ لا تتضمّن البرامج إلى اليوم سوى حديث عن نقاط من قبيل النهوض بالكتاب وتشجيع الإنتاج وغيرها والتي لم تعد تعني شيئاً ولا تقدّم الكثير على مستوى الحلول العملية.

كما تجدر الإشارة إلى خلل يحكم قطاع النشر في البلدين (وكثير غيرها من البلدان العربية) يتمثل في العلاقة النفعية بين الدولة والناشرين، والتي أنتجت سوقاً محكوماً بدعم الدولة المادي وغير مؤسس على طلب حقيقي.

وإذا كنّا نتحدّث عن التجربتين التونسية والجزائرية، لنتساءل: ما السبب وراء بعث مؤسسة بنفس التسمية ونفس التوجهات؟ هل ثمة علاقة سببية أم هي مجرّد صدفة؟ في الحقيقة، ليس مشروع “المركز الوطني للكتاب” سوى استنساخ لتجربة فرنسية هي الأخرى تحمل الاسم نفسه بدأت في 1993، والتي حين نطلع عليها لن نجد تقاطعات بينها وبين ما نجد في تونس والجزائر سوى العناوين الكبرى، فـ “المركز الوطني للكتاب” في فرنسا يقوم على خدمات عملية أساسية لجميع الأطراف المتداخلة في صناعة الكتاب؛ الناشرين والموزّعين وأصحاب المكتبات، وحتى الكتّاب والمترجمين، كما يمثل فضاء تواصل بين جميع هذه الحلقات.

لا يأتي استحضار التجربة الفرنسية من باب الحكم بالفشل المسبق على التجربتين التونسية والجزائرية، ولكن للأخذ بعين الاعتبار أن نجاح التجربة الفرنسية ليس بسبب وجود هذا الهيكل بل لأن الأخير جزء من إطار عام، أهم عناصره وجود سوق حيويّة للكتاب في فرنسا، بالإضافة إلى وجود سياسات ثقافية عليا تجعل منه صاحب دور حقيقي في البرامج التي يعلنها.

عموماً، لا يبدو نجاح المشروع مستحيلاً، إذ يكفي أن يساهم في توازن داخل قطاع النشر بتعدّد هيئاته الاستشارية، أو تقديم إحصائيات وقراءات للسوق المحلية، أو تكوين لمختلف المتداخلين في القطاع، حتى نعتبر أنه حقق شيئاً من الانتظارات، فهذه النقاط لا تزال غائبة عن واقع النشر في تونس والجزائر وتنتظر هياكل تسهر على تحقيقها.

أخبار حديثة

20ديسمبر
حين تكتب ديا ميرزا للأطفال

حين تكتب ديا ميرزا للأطفال

تفتتح الممثلة الهندية ديا ميرزا فصلاً جديداً في مسيرتها الإبداعية مع شروعها في تأليف سلسلة من خمسة كتب موجهة للأطفال، تستلهم فيها تجاربها الشخصية وقيمها الإنسانية وشغفها العميق بالسرد. ويأتي هذا المشروع ليشكّل محطة نوعية في رحلتها الفنية، حيث تنقل ميرزا جزءاً من رؤيتها للعالم إلى قصص قادرة على ملامسة عقول الصغار ومخيلاتهم، وتقديم مضامين […]

18ديسمبر
أدب الرسائل ينهض من جديد

أدب الرسائل ينهض من جديد

في زمن تتدفق فيه الكلمات بسرعة البرق، وتُكتب الرسائل بضغطات مختصرة على الشاشات، يعود أدب الرسائل ليذكّرنا بأن الكتابة كانت يوماً فعلاً بطيئاً، وعميقاً، ومشحوناً بالعاطفة. وهذا النوع من الأدب لا يقدّم موضوعاً فحسب، بل يكشف صاحبه كما هو: هشاً، أو صادقاً، أو ممتلئاً بالأسئلة التي يخجل الإنسان غالباً من قولها بصوت مرتفع. ربما لهذا […]

16ديسمبر
ناشرون مستقلون يعيدون ابتكار كتب الفن

ناشرون مستقلون يعيدون ابتكار كتب الفن

تشهد فرنسا حراكاً لافتاً في عالم الكتب الفنية، تقوده دور نشر مستقلة أعادت تعريف كتاب الفن بوصفه مساحة إبداعية قائمة بذاتها، لا مجرد وعاء للنص أو الصورة. فبينما يتميّز المشهد الفرنسي بثرائه، مع نشر نحو 75 ألف كتاب سنوياً وشبكة واسعة من المكتبات المستقلة، يظل السوق خاضعاً لهيمنة عدد محدود من المجموعات الكبرى. في هذا […]

Related Posts

كيف تبني الشارقة علاقة الطفل بلغته العربية؟

كيف تبني الشارقة علاقة الطفل بلغته العربية؟

في الشارقة، لا تُعامل اللغة العربية كمنهج تعليمي فحسب، بل كقيمة ثقافية تُغرس في الطفل منذ سنواته الأولى. فالمشروع الثقافي الذي تقوده الإمارة بقيادة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، جعل من اللغة محوراً أساسياً لبناء...

فالنتينو والخيط الرفيع بين الجمال والمعنى

فالنتينو والخيط الرفيع بين الجمال والمعنى

في عالم يزدحم بالعلامات التجارية والأسماء اللامعة، تبقى "فالنتينو" استثناءً فنياً نادراً، فهذه العلامة الإيطالية اللامعة ليست مجرد دار للأزياء والموضة، بل رؤية ثقافية وفكرية للجمال الإنساني، حيث يتجاور الخيط مع الفكرة، ويتحوّل القماش إلى استعارة للذات، كما يتحوّل النص...

حين يرسم الأدب خرائط السفر.. كيف توجّه كتب الرحلات اختياراتنا؟

حين يرسم الأدب خرائط السفر.. كيف توجّه كتب الرحلات اختياراتنا؟

  حين يرسم الأدب خرائط السفر.. كيف توجّه كتب الرحلات اختياراتنا؟   في كل حقبة من التاريخ، كان السفر فعلاً يفتح الآفاق، لكن الكتب كانت دائماً البوصلة التي تمنح الرحلة معناها وتوجّه خطوات المسافر. فأدب الرحلات لا يكتفي بوصف الأمكنة، بل يصوغ صورة متخيَّلة لها، قد تبدو في...

Previous Next
Close
Test Caption
Test Description goes like this