محمد الدمرداش، مسؤول التسويق والمبيعات الخارجية في دار هنداوي للطباعة والتوزيع:
تلعب دار “هنداوي للطباعة والتوزيع” المصرية، دوراً كبيراً في مجال ترجمة المعارف العلمية من اللغات الأجنبية للغة العربية، حيث لها بصمة واضحة في إثراء المحتوى العربي بكتب متخصصة ونادرة لا تتوفر باللغة العربية منها فلسفة العلوم، وروايات الخيال العلمي، والتي يتوفر 90% منها مجاناً للقراء على موقع مؤسسة “هنداوي للتعليم والثقافة”. التقينا مع محمد الدمرداش، مسؤول التسويق والمبيعات الخارجية في الدار، حيث تحدث إلينا عن تأسيس الدار وأهدافها، واهتماماتها، كما تحدث عن واقع الترجمة في العالم العربي والتحديات التي تمر بها.
مرت دار هنداوي للطباعة والتوزيع بالعديد من المراحل وحملت العديد من الأسماء قبل أن ترسى على الاسم الحالي، أولاً نريد توضيحاً لهذه النقطة؟
تأسست دار هنداوي للطباعة والتوزيع في العام 2007 تحت اسم “كلمات عربية”، قبل أن يتم تحويل اسمها في العام 2011 إلى “كلمات عربية للترجمة والنشر”، و”هنداوي للطباعة والتوزيع” في العام 2019 حيث استقرت الدار على هذا الاسم. والدار هي إحدى أهم مشاريع مؤسسة “هنداوي للتعليم والثقافة”، التي تتخذ من العاصمة المصرية القاهرة مقراً لها، وهي مؤسسة غير ربحية تهدف إلى إحداث أثر كبير في عالم المعرفة، وقد بدأت المؤسسة نشاطها بالاهتمام بالترجمة بوصفها جسراً من جسور التواصل مع الآخر، ومعبراً لانتقال العلوم والمعارف كافة، وتعمل المؤسسة أيضاً على تكوين أكبر مكتبة عربية تضم أهم كتب التراث العربي الحديث بعد إعادة إنتاجها، حفاظاً عليها من الاندثار، أما على صعيد الدار فهي تهدف في الأساس إلى إثراء المحتوى العربي بكتب متخصصة ونادرة لا تتوفر باللغة العربية كفلسفة العلوم، وروايات الخيال العلمي، وغيرها من الكتب النادرة.
هل تعتمدون على النشر الورقي فقط أم لديكم تجارب مع الكتاب الإلكتروني؟
نسعى في الدار والمؤسسة إلى تحقيق الريادة على مستوى العالم في إثراء المعرفة وإتاحتها للناطقين باللغة العربية، إلى جانب استكشاف واستحداث وسائل مبتكرة لإحداث تحوُّل حقيقي على الصعيد المعرفي، ومع سرعة التطور العالمي الذي تشهده الوسائل التكنولوجية، بدا واضحاً لدينا ضرورة وحتمية فتح آفاق جديدة لنشر المعرفة والثقافة بكافة الصور الحديثة، حيث نقوم حالياً في الدار وإلى جانب الطباعة الورقية بنشر المؤلفات القيِّمة مما كُتب بالعربية أو ترجم إليها في مختلِف المجالات العلمية، والأدبية، والفنية، وغيرها في صور إلكترونية، ونتيح 90% من هذه الإصدارات مجاناً للقارئ العربي عبر الموقع الإلكتروني لمؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة.
هل لديكم في الدار فضاء معرفي معيّن تكثفون فيه الترجمة والنشر؟
على الرغم من أن مواضيعنا شاملة تتضمن السياسة، والاقتصاد، والإدارة، والأدب، وفلسفة العلوم، وروايات الخيال العلمي، وكتب الأطفال واليافعين، إلا أن تركيزنا الأكبر ينصب على الفضاء المعرفي والعلمي الذي فيه شح باللغة العربية وعلى سبيل المثال نذكر فلسفة العلوم، والفيزياء، والكيمياء، والرياضيات، والأحياء حيث تجد هذه المجالات اهتماماً كبيراً من جانبنا.
هل تلاحظون إقبالاً من قبل القراء على كتب فلسفة العلوم التي تهتمون بها في الدار؟
حقيقةً في بداية الأمر كان التخوف يعترينا ولكن مع مرور الوقت بدأنا نتلمس ونستشعر إقبالاً كبيراً من القراء على الكتب العلمية لا سيما في منطقة الخليج، حيث تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، من أكثر الدول التي تنفذ فيها إصداراتنا في معارض الكتب وفي مكتبات التوزيع. هناك إقبال على هذه الكتب يفوق الإقبال على الروايات والكتب الأدبية، وفي مؤشر اهتمام القراء بإصداراتنا تأتي بعد الكتب العلمية الكتب الاقتصادية، ولدينا كتاب “الاقتصاد التطبيقي”، لتوماس ويل، ترجمة رشا سعد زكي، وقد فاز في العام 2013 بجائزة خادم الحرمين الشريفين للترجمة، فئة ترجمة العلوم الإنسانية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية.
كيف تنظرون إلى دور الترجمة في تعزيز التواصل بين مختلف الحضارات والثقافات؟
تمثل الترجمة الجسر الذي يعبر من خلاله القارئ إلى ثقافات جديدة ولولا الترجمة لما استطعنا التعرف على ثقافات الدول الأخرى المتحدثة بلغات مختلفة، فهي تلعب دوراً كبيراً في إثراء المعارف الإنسانية، وفي مد جسور التواصل بين الشعوب والحضارات، وتكمن أهمية الترجمة في كونها تقوم بدورين مهمين في آنٍ واحد حيث تُعرفنا على تاريخ وجغرافيا وثقافة الآخر من جهة، وتُعرف الآخر بثقافتنا وتراثنا وأدبنا من جهة أخرى، لينتج عن ذلك تلاقح ثقافي وفكري يثري بدوره المعرفة الإنسانية، ويعزز قيم التعايش والاحترام المتبادل بين مختلف شعوب العالم.
كيف تنظرون إلى واقع الترجمة في العالم العربي اليوم، وما هي أبرز التحديات التي تحيط بها؟
خلال العشرة أعوام الماضية بدأنا نشهد طفرة كبيرة في مجال الترجمة في العالم العربي، وأصبح هناك ازدياداً في أعداد المترجمين، كما زادت المشاريع الخاصة بالترجمة، فهناك الكثير من المشاريع المعنية بالترجمة في المنطقة منها مشروع “تحدي الترجمة”، المندرج ضمن مشروع محمد بن راشد للتعليم الإلكتروني العربي”، ومشروع كلمة للترجمة، التابع لهيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة، والمركز القومي للترجمة في جمهورية مصر العربية، إلى جانب إطلاق العديد من الجوائز في الكثير من الدول العربية، وقد ساعدت وحفزت هذه الجوائز الكثير من دور النشر والمترجمين لإثراء المكتبة العربية بالإصدارات المترجمة إلى العربية في شتى ضروب المعرفة، ومن هذه الجوائز نذكر جائزة ترجمان التي ترعاها هيئة الشارقة للكتاب، وجائزة خادم الحرمين الشريفين للترجمة.
أما على صعيد التحديات فنجاح عملية الترجمة يعود في المقام الأول إلى كفاءة المترجم وقدرته على امتلاك أدواته، إلى جانب قيمة وأهمية المحتوى المترجم، وعلى الرغم من أننا نرى اليوم الكثير ممن لديهم القدرة على الترجمة إلى جانب التعدد والتنوع الكبيرين في المشارب والمدارس إلا أننا نجد أن المميز ما زال قليلاً.