Home 5 مقابلات 5 الروائي والإعلامي التونسي كمال الرياحي: المحرر الأدبي ينقذ النصوص ولا يسمح بظهور الأعمال الرديئة

الروائي والإعلامي التونسي كمال الرياحي: المحرر الأدبي ينقذ النصوص ولا يسمح بظهور الأعمال الرديئة

بواسطة | مايو 4, 2017 | مقابلات

الرواية قاومت كل أشكال الاغتيال التي تعرضت لها

لم يبقَ لنا الا الرواية نلوذ بها

اختار الروائي التونسي كمال الرياحي منذ بداية مشروعه الإبداعي أن يترك جرحاً غائراً في وجه الحياة، لتظل تتذكره مهما جرى، فهو الروائي الذي نظر بعين الجرّاح إلى واقع الطبقات المهمشة في المجتمع التونسي، فصارت كل شرايينه مفتوحة أمامه، وبات للأمراض، والعلل، والأزمات صوتاً تكتبه رواية “المشرط”، و”الغوريلا” وغيرها من الأعمال الإبداعية.

يفتح الرياحي في حواره مع “ناشر” الباب كاملاً على واقع التجربة الإبداعية العربية، متوقفاً عند القارئ، وأزمة المثقف، وإشكاليات الناشر العربي، إلى جانب تأثير الإعلام المعاصر والتكنولوجيا الحديثة على الفعل الثقافي والمعرفي العربي.

* أنتج العالم الغربي منظومات عديدة لدعم كتّابه، كان أبرزها الوكيل والمحرر الأدبي، فهل تخدم هذه التجارب المنتج الإبداعي، وما الذي يعيق ظهورها في العالم العربي؟

الوكيل الأدبي والمحرر الأدبي عرفها هنري ميللر، وبوكوفسكي، أي منذ الخمسينيات من القرن الماضي وربما قبل ذلك بكثير. وهي إذا وجدت كعنصر أساسي من عناصر النشر ومؤسسات النشر، فالمحرر الأدبي يضمن حداً من جودة العمل، ولا يسمح بظهور الأعمال الرديئة، وكذلك ينقذ الكثير من النصوص الأدبية من السقوط، ولذلك كانت الروايات تُكتب في أقل ما يمكن من الوقت بسب وجود محررين كبار في المشهد الأمريكي تحديداً، أما الوكيل الأدبي فهو يختص بحقوق المؤلف وخاصة ما يتعلّق بترجمة أو تحويل أعماله إلى السينما أو المسرح.

هذه المهن غائبة في عالمنا العربي وهي سبب ازدحام السوق بكتب رديئة أولاً، وثانياً بشكوى الكتاب وضياع حقوقهم مع ناشريهم من جهة، وسبباً في ركود حركة الترجمة والتحويل التلفزيوني والسينمائي والمسرحي وإن وجدت تكون معرقلات لا غير.

دور النشر مازالت تعتبر أن المحرر الأدبي سيمثل ثقلاً على مصاريفها ولكنها لا تعلم أنه قد ينقذها من نشر الكثير من النصوص الرديئة التي تظل في مخازنها لأنها لم تمر على محرر أدبي مع ملاحظة مهمة أن لجان القراءة إن وجدت لا تعوض المحرر الأدبي.

* لا تتوقف المشاريع الثقافية العربية، عن دعم مفهوم “زمن الرواية”، برأيك هل تكفي قراءة الرواية، لإنتاج أجيال مثقفة؟

أعتقد أن الرواية والسينما والمسرح هي الأعمدة الرئيسية لما نسميه ثقافة الآن، لأن الرواية والسينما والمسرح تحللت فيها كل الفنون الأخرى بما فيها الفن التشكيلي والأجناس الأدبية الأخرى. ولأن السينما والمسرح غير متاح للجميع فإني أرى أن الرواية وقراءتها هي أقل الاستراتيجيات تكلفة لإشاعة الوعي، وأنا بصدد إعداد بحث عما يمكن أن تقوم به الرواية. والرواية قوية وقاومت كل أشكال الاغتيال التي تعرضت لها منذ الفرنسي نيكولا بوالو (1636-1711) إلى اليوم، وظلت صامدة مفندة كل المبشرين بموتها وهذا ما يرشحها لتكون سلاحاً قوياً لتطوير الشعوب.

* هل تؤمن بمقولة “أن العرب لا يقرؤون”، وما هي وجهة نظرك حولها؟

القراءة أزمة فعلية في الوطن العربي ولا سبيل إلى إنكارها، لكن ماذا فعلنا لكي نقضي على هذه الظاهرة؟ لا شيء. نحن نصادر الكتب في المعارض، ونطلق القنوات التلفزيونية كل يوم، ولا نخصص للكتاب شيئاً تقريباً. مازلنا في عقولنا نربط القراءة بالتعليم، وهذا يجعلها مثل الواجب المنفر. لم ننشىء مشاريع حقيقية للترغيب في القراءة طويلة المدى. أعتقد أن على المسؤولين في الدول العربية التفكير بإنعاش وضع الكتاب قبل أن ينفلت الأمر أكثر لأن أثر ذلك واضح على الناشئة والشباب الذي بدا مسلوباً ومفرغاً من أي أهداف وقيم. أصبحنا في حالة اغتراب تام. والحل حسب رأيي في برامج ثقافية تلفزيونية تقدم الكتاب والمعرفة كما تقدم برامج كرة القدم وبرامج المنوعات، فهكذا فقط سنصل إلى مجتمع يقرأ والقراءة فيه شأن يومي وليس أمراً طارئاً. كما علينا أن نعيد بناء صورة الكاتب بعيداً عن تلك الصورة البائسة التي روج لها الإعلام والدراما العربية طوال عقود: صورة الشاعر المخبول، وسيء الحظ، والجائع، والفاشل عاطفياً.

* قاع المجتمع التونسي، والهامش هو متن أعمالك الروائية، هل تؤمن بأن الرواية يمكن أن تكون صوت المغيبين والمهمشين؟

نحن مغتربون داخل بطاقة بريدية سياحية بينما شعوبنا ترزح في الجهل والحقد والعُقد وليس أمامنا إلا الرواية لنقول هذه الحقيقة. من المضحك أن الرواية أو الخيال هو الذي يقول الحقيقة بينما التاريخ ونشرات الأخبار تقول الخيال والأوهام. يذكرني هذا بما قاله عبد الرحمن منيف بأن الأجيال العربية القادمة ستحتاج أن تقرأ الرواية لتتعرف على تاريخها. طبعاً المقصود هو تاريخها الحقيقي لأن المكتوب تاريخ مزور.

لم يبقَ لنا إلا الرواية نلوذ بها ويلوذ بها المغيبون لتسمع أصواتهم بل لكي تطلق أصواتهم ولذلك علينا أن نجعل من الرواية الكتاب الأكثر تداولاً بين الناس.

والحق أنني ما كتبت رواياتي إلا بهذه الرؤية التي انطلقت من تشريح المجتمع التونسي وتفكيك بنية تفكيره في روايتي “المشرط”، ثم الغوص في دمامله السياسية الكبرى في “الغوريلا”، ثم اللعب على أمراضه الطبقية والفساد في “عشيقات النذل”، قبل الانتقال إلى تراجيدياته الصغرى الفردية في رواياتي القادمة.

* جماهيرية الإعلام المرئي كبيرة، وتتجاوز أي وسيلة أخرى، لماذا لا زالت المادة الإعلامية الثقافية فيها قليلة، وتعد تجاربها الناجحة على أصابع اليد الواحدة؟

ليس هناك رهان من المسؤولين في الإعلام العربي على الثقافة بوصفها ركيزة أساسية لبناء الشعوب. نحن شعوب فقدت البوصلة لأننا فرّطتنا في هويتنا وفتحنا نوافذنا على الرديء من الإعلام الآخر. فلم نقلد البرامج الثقافية المتميزة مثل “المكتبة الكبيرة” أو “ابوستروف” في التلفزيون الفرنسي ولكننا قلّدنا كل البرامج التافهة الأخرى في تلفزيوناتنا. هنا المعضلة.

* نظريات المعرفة الحديثة تتحدث عن تجاوز لمفهوم القراءة، على اعتبار أنها ليست سوى وسيلة، والتحوّل نحو المرئي، والمسموع، فما رأيك بذلك، وهل يمكن أن يعقد المنتج الإبداعي تحالفات مع المنتج المرئي أوالمسموع؟

من غير الممكن أن يكون المرئي بديلاً عن القراءة والكتابة عموماً. وشعوب العالم المتقدم التي أنتجت تلك التكنولوجيات من اليابان إلى أمريكا مازالت تُقرأ بكثافة ولم تفكر كما فكر مروجو هذه الأفكار، وحتى وإن وجدت بينهم فهي ليست يقيناً إنما مجرد رأي توقعي غير معتد به. ولذلك تطورت التكنولوجيات مع حاجة الغربي للقراءة، فكل عام تظهر أجهزة لوحية ذكية للقراءة. والتحالفات يجب أن تكون ذكية، أي أن يخدم المرئي المكتوب لا العكس.

أخبار حديثة

20ديسمبر
انتعاش قطاع النشر السعودي: أكثر من 500 دار نشر تدفع نمو الصناعة

انتعاش قطاع النشر السعودي: أكثر من 500 دار نشر تدفع نمو الصناعة

كشفت الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت” في المملكة العربية السعودية، عن وجود أكثر من 500 دار نشر محلية في المملكة حالياً، ما يعكس التطور النوعي الذي شهدته صناعة النشر في البلاد خلال الأعوام الأخيرة، والاهتمام المتزايد بهذا القطاع من قبل المستثمرين ورواد الأعمال.   وأشارت الهيئة في تقريرها للربع الثالث من 2024، إلى أنه […]

20ديسمبر
“المعجم التاريخي للغة العربية” يدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية

“المعجم التاريخي للغة العربية” يدخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية

تسلّم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى لمجمع اللغة العربية بالشارقة، شهادة من موسوعة غينيس للأرقام القياسية، بمناسبة حصول “المعجم التاريخي للغة العربية” على لقب أكبر وأضخم مشروع لغوي تاريخي على مستوى العالم بعدد 127 مجلداً.   وأكد صاحب السمو حاكم الشارقة أن هذا اللقب يثبت […]

18ديسمبر
كيف تمهد مبادرة “ببلش هير” الطريق للنساء لقيادة صناعة النشر؟

كيف تمهد مبادرة “ببلش هير” الطريق للنساء لقيادة صناعة النشر؟

تعد صناعة النشر واحدة من أكثر الصناعات ديناميكية في العالم، لكنها، مثل غيرها من المجالات الإبداعية، تواجه تحديات مستمرة فيما يتعلّق بتحقيق المساواة بين الجنسين في مجال العمل. ورغم أن النساء يشكّلن جزءاً كبيراً من العاملين في هذا القطاع، فإنهن غالباً ما يواجهن عوائق تحد من وصولهن إلى المناصب القيادية أو تحول دون تحقيق بيئة […]

Related Posts

عن أغنية النبي لپول لينش أو كيف تكتب القلق 

عن أغنية النبي لپول لينش أو كيف تكتب القلق 

أستطيع أن أفهم بدايةً ما أشيع عن الجدل الذي دار بين أفراد لجنة تحكيم البوكر العالمية 2023.. حول رواية أغنية النبي.. في الاتفاق على فوزها من عدمه، فأنت أمام عمل مربك، هذا ما كان انطباعي حوله فور الانتهاء منه، الربكة التي نحن بصدد الحديث عنها تفصيلياً هنا، ورغم أنني لا...

تراث “ابن العربي” من الشارقة إلى العالم

تراث “ابن العربي” من الشارقة إلى العالم

    اعتاد معرض الشارقة الدولي للكتاب أن يحتضن دور نشر جديدة في كل عام، ويكون محطة لانطلاقتها عالمياً، ومن بينها مؤسسة "ابن العربي للبحوث والنشر"، التي تسعى، كما يقول صاحبها، أيمن حمدي، إلى تقديم التراث الصوفي عامةً والتراث الأكبري خاصةً في طبعات محققة تحقيقاً...

نجمة صاعدة في عالم النشر:  نور عرب، مؤسسة دار “نور للنشر” تتحدث

نجمة صاعدة في عالم النشر: نور عرب، مؤسسة دار “نور للنشر” تتحدث

الناشرة نور عرب: الشغف هو المحرّك الرئيسي والحقيقي للنجاح في صناعة النشر   منذ تأسيسها في يناير 2018 بإمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، أصبحت "نور للنشر" من أكثر دور النشر المتخصصة في طباعة ونشر كتب وقصص الأطفال باللغتين العربية والإنجليزية، نشاطاً...

Previous Next
Close
Test Caption
Test Description goes like this

Pin It on Pinterest