يبرز اسم الروائي السوري خالد خليفة، المولود في مدينة حلب عام 1964، بين أبرز الروائيين العرب المعروفين خارج بلدانهم، خصوصاً بعد أن صنّفت روايته الشهيرة “مديح الكراهية” ضمن أفضل 100 رواية عبر التاريخ، وفقاً لموقع “ميوز لِيست” الثقافي الأمريكي، ووصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة “البوكر” العربية عام 2008، والقائمة الطويلة لجائزة “الإندبندنت لأدب الخيال الأجنبي” عام 2013. كما ترجمت أعماله إلى العديد من اللغات بينها الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والإيطالية، والنرويجية.
وفي هذا الحوار مع “ناشر”، يتحدث خالد خليفة عن أعماله، ورأيه في فن الرواية، والجوائز الأدبية، ورؤيته في أسباب تركيزه هو، وبعض الروائيين الآخرين، على الكتابة عن هموم الناس ومعاناتهم.
* لماذا تكتب… ما الذي تمنحه الكتابة لخالد خليفة؟
لاأحد يستطيع الإجابة عن هذا السؤال بهذه البساطة، لكنني أفكر بأنني أكتب لأنني لا أتقن مهنة آخرى، أو لا أعرف طريقاً آخر للسعادة.
* أنتم من الروائيين العرب القلائل الذين جعلتم السياسة وهموم الحياة اليومية محوراً أساسياً في أعمالكم.. لماذا؟
لا يمكن العيش في بلدان كبلداننا دون أن تتورط في السياسة، ولا أقصد التورط في السياسة بشكل مباشر، ولكن لا يمكن لكاتب أن ينجو من هذا الطوفان. كيف ستكتب عن الزهور والطيور والبحيرات بينما دم شعبك في الشوارع، وعشرات آلاف الشباب يقبعون في السجون؟! لا يمكن لأحد أن ينجو من هذا الطوفان.
* برأيكم من هو الكاتب الذي يستحق أن نطلق عليه صفة “روائي”؟
هو كل كاتب يبحث ويحاول أن يكتب نصاً روائياً جيّداً، وتقييم الجودة له عدة معادلات لكن الكتابة الجيّدة لا تخفي نفسها، كما لا نملك حتى الآن توصيفاً واحداً لها.
* فزتم بجائزة نجيب محفوظ للعام 2013، ورشحتم لجائزة البوكر العربية عام 2008.. ما أهمية الجوائز للكاتب وللقارىء؟
الجوائز تمنح الكاتب لحظات فرح وتقدير مؤقتة، لكن هذه اللحظات المؤقتة ضرورية للتسويق ولإرشاد الكاتب إلى الكتاب، رغم أنه في الكثير من الأحيان أخطأت الجوائز الطريق إلى الكتاب الجيّد، وفي تاريخ الأدب عشرات الأمثلة. وبالنسبة للرواية العربية مازالت التجربة جديدة، لذلك ستتعثر وتحاول الجوائز مرة أخرى الاستفادة من أخطائها. وأنا أنظر إلى الجوائز بشكل إيجابي دوماً لأنني أعرف بأن الكاتب في لحظات ضعفه يحتاج إلى التقدير.
* إنتاجكم الروائي قليل قياساً إلى المدة الزمنية.. لماذا يجب أن يستغرق الروائي وقتاً أطول في كتابة أعماله؟
بالنسبة لي النشر هو المشكلة الحقيقية، أحاول تأمل نصي طويلاً، لأنه في النهاية الكتابة هي الفعل الممتع الذي يمنحني السعادة حتى الآن وليس النشر، ولو استطعت لكتبت روايتين فقط طوال كل عمري.
* تكاد الرواية تسيّطر اليوم على القارىء العربي، هل أنتم راضون عن ذلك، ولماذا لم يعد الشعر “ديوان العرب”؟
الموضوع لا يتعلّق بالرضا، بل يتعلّق بمحاولة تسويق الرواية اليوم على أنها ديوان العرب، لكن القراءة تواجه بعض المشكلات اليوم، وبالتالي فعل القراءة الذي يجعل من الرواية ديوان العرب غير موجود. الوضع أفضل بكثير من الثلاثين سنة الماضية، لكن مازال هذا الشعار وهماً، فالعرب اليوم دون أي ديوان، لا رواية، ولا شعر.
* كثيرٌ من الكُتّاب الأجانب، وخاصة الروائيون منهم، يصبحون أثرياء، أو على الأقل من أصحاب الدخل المرتفع.. لماذا مازال معظم الكتّاب العرب يعيشون كفاف يومهم؟
الأمر يتعلّق بالتسويق وآلياته، ونزاهة دور النشر، والشفافية في إعلان أرقام التوزيع، وفي تجربة روائي عظيم مثل نجيب محفوظ أعتقد أن نستطيع قراءة كارثة الشفافية في أرقام التوزيع. نجيب محفوظ لم يستطع قبل نوبل العيش من إيرادات كتبه رغم أن ناشريه ربحوا نقوداً طائلة منها، الموضوع يحتاج إلى منظومة كاملة تحفظ حقوق الكتاب.
* أصدرتم مؤخراً روايتكم الجديد “الموت عمل شاق”.. لماذا على الكاتب تذكير الناس بآلامهم ومعاناتهم دائماً.. أليس عليه أن يمنحهم الأمل؟
التذكير بالآلام لا يعني اليأس، والكاتب ليس بائعاً للوهم، بل هو أقرب إلى الحقيقة البشرية والإنسانية من منجمات الأبراج، لذلك لا يمكن الحفر في النفس البشرية دون الكتابة عن الألم البشري، الحياة كانت ومازالت مجموعة من الاحباطات والآلام، والنجاح الشخصي وهم ما دام مؤقتاً، الموت هو الحقيقة الأكثر سطوعاً دوماً.
* أخيراً، ما هو مشروعكم القادم.. هل هناك رواية جديدة أو عمل إبداعي مختلف تستعدون لتقديمه؟
رواية جديدة مازال الحديث عنها مبكراً، لكنها مرة أخرى عن مدينة حلب.