Home 5 مقالات و تقارير 5 الترجمة الثنائية.. الضرورة والمحاذير

الترجمة الثنائية.. الضرورة والمحاذير

بواسطة | نوفمبر 19, 2017 | مقالات و تقارير

جعفر العقيلي

 

رغم جملة الملاحظات والانتقادات التي يمكن إيرادها حول الترجمة الثنائية، إلا أن المتفق عليه أنها عملية ضرورية لا غنى عنها، في سبيل تقديم المنجز الثقافي والأدبي للآخر، المختلف لغةً، والشريك في الإنسانية.

ويرى د.أحمد الخميسي، الكاتب والمترجم المعروف عن الروسية، أن من النقاط الإشكالية في الترجمة الثنائية اختلاط الترجمة بالتأليف، وإمكانية الخضوع للاعتبارات الشخصية وذائقة المترجم ومزاجه، مستشهداً بأمثلة على ذلك، ومنها أن مترجماً عربياً “مؤدلجاً” عندما ترجم كتاب لينين “خطوة للأمام خطوتان للخلف”، رأى أن عنوانه لا يمكن أن يكون صحيحاً، وأن لينين من المؤكد أنه يقصد العكس، فصدر الكتاب بعنوان “خطوتان للأمام خطوة للخلف”.

ويقر الخميسي الذي حمل آخر أعماله المترجمة عن الروسية عنوان “نساء الكرملين”، أن الترجمة الثنائية قد تكون عرضة للضغوط الاجتماعية؛ مستذكراً ما كتبه نجيب محفوظ ذات مرة قائلاً إنه كان يقرأ قصة لـ “جي دي موباسان” ترجمها عن الفرنسية محمد السباعي، فوجد في إحد الفقرات حديثاً نبوياً شريفاً. ويضيف محفوظ أنه أصيب بالدهشة وهو يعتقد أن الأمر مرتبط بتأثر الأدب الفرنسي بتراثنا وتاريخنا وحضارتنا، قبل أن يكتشف أن السباعي أضاف هذا الحديث إلى النص لغايات “تحسينية” أو “تجميلية”.

أما المنفلوطي، فيمثل بحسب ما يرى الخميسي، “النموذج الأغرب” في مجال الترجمة، إذ لم يكن يعرف الفرنسية؛ لهذا كان يستعين بشخص آخر يجيد هذه اللغة، ويطلب منه أن يقرأ ويترجم له الأفكار والأحداث، ثم يعيد المنفلوطي صياغتها من دون التزام بالنص الأصلي.
من جهته، يتوقف د.كامل يوسف، عند تجربة “فريدة واستثنائية” في مجال الترجمة الثنائية، بطلَاها (الراحلان) الأكاديمي والمترجم المصري د.عز الدين إبراهيم، والمترجم البريطاني المولود في كندا دنيس جونسون ديفز.

ويكشف أن ديفز رفض قبل ذلك عروضاً لترجمة روايات نجيب محفوظ تشترط الجهات القائمة عليها أن يقوم شخص عربي بإعداد ترجمة أولية لهذه الروايات، لكنه غيّر رأيه بعد أن أقنعه د.عز الدين إبراهيم بسموّ مشروع ترجمة الأحاديث القدسية والنبوية، فضلاً عن أن ترجمتها تحتاج إلى دقة متناهية ودراية كبيرة باللغتين، إلى جانب أن د.عز الدين متمكن من اللغة الإنجليزية ويمثل مرجعية إسلامية كبيرة في منطقة الخليج.

ويوضح د.كامل يوسف أن الترجمة الثنائية، تتطلب أن ينتمي أحد المترجمَين إلى حضارة وثقافة النص الأصلي، وأن ينتمي الآخر إلى حضارة وثقافة اللغة المراد النقل إليها، وأن يلمّ كل منهما باللغة التي ينتمي إليها.

ويضيف أن د.عز الدين كان يعدّ ترجمة أولية، ثم يقوم ديفز بمعالجة المسوّدة، ثم يعكف الاثنان معاً على مراجعة النص. لافتاً إلى أن هذه التجربة أسفرت عن ترجمة ثلاثة كتب، حول الأحاديث القدسية، والأحاديث النبوية، و”الكلم الطيب” لابن تيمية، بالإضافة إلى مشروع ترجمة معاني القرآن الكريم الذي يمثل تتويجاً لعملهما المشترك.

من جهته، يستذكر المترجم من الفرنسية والمقيم في باريس د.محمد مخلوف، ما أورده ابن النديم من أنه أحصى 430 مؤلَّفاً تُرجمت من العربية إلى اللاتينية، من بينها 174 عملاً ترجمها العرب من لغات أخرى كالهندية واليونانية.

ويستعير مخلوف المثل الفرنسي: “سنونة واحدة لا تصنع الربيع”، للتدليل على حال الترجمة الذي ما زال رهينة الصدفة والمزاج والمشاريع الفردية بعيداً عن المؤسسية.
ويقول إنه يؤمن أن “الترجمة خيانة” بشكل أو بآخر، مضيفاً أن هناك عدداً كبيراً من الأدباء المعتبَرين اعترضوا على ترجمة أعمالهم، أو رفضوا الفكرة أساساً. وهناك أدباء كانوا يشترطون أن يعيش المترجم الأجواءَ نفسها التي كتبوا عنهم، ومنهم “غونتر غراس” الذي كان يصطحب المترجم إلى المكان الذي تدور أحداث روايته فيه، في سبيل الوصول إلى أكبر قدر من المصداقية.

ويكشف مخلوف إن هناك مشروعاً للترجمة الثنائية جمعَه بمترجم آخر، لكنه لم يرَ النور بسبب أنهما أمضيا ستة أشهر دون الوصول إلى صيغة متفق عليها لترجمة العنوان، مؤكداً أن هناك مفاهيم وتعابير جديدة في اللغات الأخرى لا رديف لها في العربية، وأن نقل الإحساس عند ترجمة عمل شعريّ ليس بالأمر السهل، فقد يؤدي إلى ترجمة كلمة بغير مدلولها، وهذا يمثل “خيانة للقارئ أيضاً”

أخبار حديثة

18يناير
انطلاق مهرجان الشارقة للآداب بنسخته الأولى

انطلاق مهرجان الشارقة للآداب بنسخته الأولى

افتتحت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب والرئيسة الفخرية لجمعية الناشرين الإماراتيين، النسخة الأولى من مهرجان الشارقة للآداب الذي يُقام برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.   وتحت شعار “حكايات الإمارات تُلهم المستقبل”، يهدف المهرجان إلى تسليط الضوء على الإبداع […]

14يناير
الدورة 56 لمعرض القاهرة: احتفال عالمي

الدورة 56 لمعرض القاهرة: احتفال عالمي

تحت شعار “اقرأ… في البدء كان الكلمة”، تنطلق فعاليات الدورة 56 من معرض القاهرة الدولي للكتاب في الفترة من 24 يناير حتى 5 فبراير 2025، في مركز مصر للمعارض الدولية، وتحل فيه سلطنة عُمان ضيف شرف، فيما تم اختيار اسم العالم والمفكر الكبير الدكتور أحمد مستجير، شخصية المعرض، والكاتبة فاطمة المعدول شخصية معرض كتاب الطفل. […]

14يناير
أحمد العلي مديراً عاماً لمجموعة كلمات

أحمد العلي مديراً عاماً لمجموعة كلمات

أعلنت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لـ”مجموعة كلمات”، عن تعيين الشاعر والمحرر والمترجم أحمد العلي مديراً عاماً للمجموعة، الرائدة في مجال النشر باللغة العربية بدولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها.   جاء ذلك خلال اجتماع مع فريق عمل “مجموعة كلمات”، ترأسته الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي وشاركت خلاله رؤيتها حول مستقبل نشر المحتوى […]

Related Posts

التحول الرقمي ينقذ الأدب الأسترالي من الانقراض

التحول الرقمي ينقذ الأدب الأسترالي من الانقراض

أُعيد إحياء أكثر من 160 كتاباً لمؤلفين أستراليين بارزين، بما في ذلك ستة فائزين بجائزة مايلز فرانكلين الأدبية، من خلال مشروع "Untapped" (غير مُستغل) الذي استمر لمدة ثلاث سنوات وانتهى في ديسمبر 2024. وشمل المشروع إعادة نشر أعمال لثيا أستلي، وميم فوكس، وشارميان كليفت،...

المكتبات السورية.. تراث محفوظ رغم التحديات

المكتبات السورية.. تراث محفوظ رغم التحديات

تُعد سوريا واحدة من أقدم مناطق العالم التي عرفت الحضارة والكتابة، ما جعلها مركزاً مهماً للمعرفة والثقافة على مر العصور. ومنذ الألف الثالث قبل الميلاد، شهدت سوريا ميلاد مكتبات كانت تمثل مراكز لتوثيق الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية. من أبرز هذه المكتبات القديمة...

أربعة كتب ضرورية لفهم تاريخ سوريا ومصيرها

أربعة كتب ضرورية لفهم تاريخ سوريا ومصيرها

ألهم تاريخ سوريا، إحدى أقدم الحضارات في العالم، أعمالاً أدبية وتاريخية مهمة. وتتشابك هذه الكتب مع الثراء الثقافي لسوريا، والصراعات السياسية، والرؤى للمستقبل. وفيما يلي أربعة كتب شهيرة تستكشف هذه الموضوعات:   تاريخ سوريا ولبنان وفلسطين - فيليب حتي يقدّم عمل الدكتور...

Previous Next
Close
Test Caption
Test Description goes like this

Pin It on Pinterest