Home 5 مقابلات 5 أحمد مراد.. “الأكثر مبيعاً إما يكون حافزاً أو فعلاً تدميرياً للمبدع

أحمد مراد.. “الأكثر مبيعاً إما يكون حافزاً أو فعلاً تدميرياً للمبدع

بواسطة | نوفمبر 8, 2017 | مقابلات

جعفر العقيلي

 

يحلو لبعضهم وصف الكاتب المصري أحمد مراد بـ”الناجح تجارياً”، إلّا أن صاحب الروايات الأكثر مبيعاً ورواجاً في أوساط الشباب لا يزعجه ذلك، ما دام أنه يكتب أعمالاً قادرة على المنافسة ونيل الجوائز والتحويل إلى أعمال درامية لافتة.

أحمد مراد، الذي انطلق عمله الأول “فيرتيجو” كالقنبلة عام 2007، لا يغيب عن قرائه وعن الشغوفين برواياته كلما أتيح له ذلك. وبدا في معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته السادسة والثلاثين، وكأنه يخصص كلّ وقته للقائهم وتوقيع رواياته لهم، وتلبية طلباتهم في التقاط الصور معه. يفعل ذلك وابتسامةٌ هادئة لا تغادره، كأنما يريد أن يقول إن الكاتب/ المبدع مكانه هنا؛ بين قرائه، وإن ما بلغَه هو شخصياً من علاقةٍ طيبة مع المتلقي لم يكن وليدَ الصدفة أو الحظ. فثمة دربٌ طويل من المثابرة، والاجتهاد، والحرص على تقديم الأفضل، ومراجعة التجربة. وثمة مراهنةٌ أيضاً على بوصلة القارئ التي لا تخطئ.

وبالعودة إلى “فيرتيجو” التي صدرت عن دار ميريت بالقاهرة، فقد تُرجمت هذه الرواية إلى اللّغة الإنجليزية وصدرت عن دار بلومزبيري، ثم إلى لإيطالية عن دار مارسيليو، وإلى الفرنسية عن دار فلاماريون، كل ذلك قبل أن تتحول إلى مسلسل تلفزيوني عُرض في شهر رمضان سنة 2012 وقبل تتويجها بجائزة “البحر الأبيض المتوسط للثقافة” من إيطاليا (2013).

ما شهدته الرواية الأولى من احتفاء وذيوع واهتمام في أوساط القراء، تكرر في روايات أحمد اللاحقة وبشكل متزايد، وآخرها “موسم صيد الغزلان” (2017) التي صدرت عن دار الشروق بالقاهرة أسوة بشقيقاتها السابقات، عدا “فيرتيجو”.

لا يرى أحمد رابطاً بين عمر الكاتب وما يقدمه من إبداع، فربما يمثّل العمل الأول لروائي شابّ علامة فارقة، بينما يكتب سواه ممن يكبرونه سناًـ عشرين رواية لا تُحدث بصمةً في المشهد. المسألة مرتبطة بالخبرة والموهبة. والخبرة وفقاً لأحمد، قد تكون بالقراءة فقط، لا بتراكم سنوات العمر أو كثرة التجارب النمطية. “المهم في الكتابة أن تكون قادراً على الحكي والإدهاش، وأن لا تُشعر المتلقي بالملل”، هذه هي وصفة أحمد مراد، المولود سنة 1978، والتي حققت له النجاح الذي يأمله.

ولأن “فيرتيجو” نفدت بعد أقل من شهرين على صدور طبعتها الأولى، فإن صاحبها ينظر إلى ما حدث لها بوصفه استثناءً، مفضّلاً التعامل مع روايته التالية “تراب ألماس” (2010) على أنها روايته الأولى. فقد نجح في “فيرتيجو” من دون مجهود، وهو ما يضيف عليه عبئاً كبيراً ومزيداً من المسؤولية: كيف أواصل الصعود وأنا أعرف أن القمة في نهاية الأمر ربما تكون بعدها الهاوية!

وفيما يتعلق بـ”الأكثر مبيعاً”؛ فهذه المسألة ذات وجهين: محفّز وتدميري! وكأن الكاتب هنا في اختبارٍ شبيهٍ بذلك الذي يخضع له مَن يعتلي ظهرَ ثورٍ مندفع. إما يواصل التمسك به بيقظة وحذر حريصاً على الثبات، وإما يصيبه الغرور فيسقط مع أول حركة غير متوقَّعة، وبالتالي تكون النتيجة أعمالاً أدبية ضعيفة سرعان ما تطردها الساحة.

ستّ روايات هي ما أنتجه أحمد مراد في غضون عشر سنوات؛ أي أن إنجاز الرواية الواحدة يتطلب منه سنتين من العمل. ولو كان الأمر بيده لما وصلت أيّ من مخطوطاته للمطبعة، لكثرة مراجعاته وتعديلاته عليها، لكنه يضطر في لحظةٍ ما إلى الاستجابة للبرنامج الزمني الذي يضعه الناشر ويسلم المخطوطة له. ولأن الشعور بالتقصير يلازمه، فإنه لا يألُ جهداً في تلافي ما يراه نقاطَ ضعف في عمله المكتوب إن أتيح له الاشتغال عليه كـ”سيناريست”، ولهذا يفضّل أن يتولى هو كتابة السيناريو لأعماله، وقد تَحقّق له ذلك في “الفيل الأزرق” و”تراب ألماس”.

ولا يتردد أحمد بالقول إنه يقدم في كل عمل لغةً مختلفة، أكثر إمتاعاً وسلاسة، وأكثر قرباً من القارئ. وهو يعي جيداً دور اللغة وكونها من أهم عوامل نجاح الرواية.

وحول ما يحدث أحياناً من محاولة “تكسير مجاديف” المبدعين القادمين إلى الساحة بقوة، على يد أولئك الذين يريدون احتكار المشهد والاستئثار بما فيه، يقول أحمد بمنتهى الثقة، إن سائق السيارة إما أن ينظر إلى الأمام ويواصل طريقه نحو هدفه، أو ينشغل بالتلفت يميناً ويساراً مما يربك قيادته ويحيده عن الهدف الذي يبغي الوصول إليه. وبالنسبة إليه، فإنه يفكّر بمنطق السائق الأول، موضحاً: “لا أحب النظر إلى شخص يشعر أنني أمثّل تهديداً له”، مؤكداً أنه يستمع إلى النقد البنَّاء، ولا يكترث بالنقد السلبي، ورافضاً في الوقت نفسه فكرة المنافسة في الساحة الأدبية؛ فلكل كاتب ولكل نوع أدبي ولكل نمطٍ في الكتابة قرّاؤه ومريدوه.

ورداً على سؤال حول كيفية تلقّي ناشره الأول أنباء نجاح “فيرتيجو”؛ يقول أحمد إن محمد هاشم، مدير دار ميريت، لم يكن ليقْدِم على نشر روايته لو لم يكن يتوقع لها ذلك. مشيداً بدوره في مساعدة الأدباء الشباب والأخذ بيدهم، وجرأته في طباعة أعمالهم، مع ما ينطوي عليه ذلك من مغامرة في حسابات التجارة والربح والخسارة.

ويبدي أحمد سعادته بتجربته مع “الشروق”؛ الناشر العريق الذي أمضى نصف قرن في صناعة الكتاب. ويكشف أنه ليس هناك ما يميزه كاتباً عن الآخرين؛ وأن كل ما لديه “مطالب” يمكن لأي كاتب أن يطلبها؛ وهي تتصل بعدد نسخ الطبعة الأولى، وعدد الطبعات اللاحقة، وتوفير الكتاب بسعر مناسب يتيح للقارئ العادي اقتناءه، وضمان عدم نفاد النسخ من السوق، والاهتمام الإعلامي.

وحول ترجمة “فيرتيجو” إلى ثلاث لغات، ثم ترجمة “تراب ألماس” إلى الإيطالية وصدورها عن دار مارسيليو، وترجمتها للألمانية لاحقاً، يؤكد أحمد أن وصول أعماله إلى الغرب أمرٌ يسعده، فهو يكتب لـ”الإنسانية” بعامة، لا للوطن العربي وحده. ويضيف أن الترجمة تحقق تواصلاً محموداً وتقلّل من تأثير الصور المغلوطة التي رسمها الغرب عنا. إنها بحسب تعبيره، جزء من عناصر “القوة الناعمة” التي يمكنها أن تفرض حضورنا على الساحة العالمية.

ويصف أحمد مراد معرضَ الشارقة الدولي للكتاب بـ”العيد” الذي يجمع أطراف صناعة الكتاب معاً: الناشر والكاتب والقارئ، ويتيح لهم التفاعل والتواصل، ويحوّل هواية القراءة إلى عادة مكرّسة، بحيث تكون المسألة في المستقبل لا أن نقرأ، بل ماذا نقرأ.

يُذكر أن أحمد مراد أصدر بعد “فيرتيجو” و”تراب ألماس”، وقبل “موسم صيد الغزلان”؛ ثلاث روايات أخرى هي “الفيل الأزرق” (2012) التي وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية، وحُولت إلى فيلم سينمائي، و”1919″ (صدرت عام 2014)، و”أرض الإله” (2016).

وبالإضافة إلى كونه كاتباً روائياً، يعمل أحمد في مجال التصوير والتصميم الجرافيكي، وقد التحق بالمعهد العالي للسينما بالقاهرة لدراسة التصوير السينمائي، وتخرّج منه عام 2001، ونالت أفلام تخرّجه (الهائمون، الثلاث ورقات، وفي اليوم السابع) جوائز للأفلام القصيرة في مهرجانات بإنجلترا وفرنسا وأوكرانيا.

أخبار حديثة

16أكتوبر
معرض فرانكفورت للكتاب 2024 يسلّط الضوء على الذكاء الاصطناعي وأدب الشباب

معرض فرانكفورت للكتاب 2024 يسلّط الضوء على الذكاء الاصطناعي وأدب الشباب

ينطلق معرض فرانكفورت للكتاب في دورته السادسة والسبعين في الفترة من 16 إلى 20 أكتوبر 2024، في مدينة فرانكفورت الألمانية، حيث ستكون إيطاليا ضيف الشرف لهذا العام. وسيركز المعرض على عدد من المواضيع التي تعكس الاتجاهات الحديثة في صناعة النشر العالمية، مثل أدب الشباب، والذكاء الاصطناعي، ومسؤولية نشر كتب الأطفال.   أحد الإضافات البارزة هذا […]

16أكتوبر
“اصنع المستقبل بخيالك” في معرض الفجيرة لكتاب الطفل بدورته الأولى

“اصنع المستقبل بخيالك” في معرض الفجيرة لكتاب الطفل بدورته الأولى

يشهد معرض الفجيرة لكتاب الطفل في دورته الأولى التي تقام خلال الفترة من 13 إلى 19 أكتوبر 2024 تحت شعار “اصنع بخيالك المستقبل”، إقبالاً كبيراً من الأطفال في الإمارة والمناطق المجاورة لها، الذين احتفوا بإقامة هذا الحدث في قاعة البيت متوحد بالإمارة، بمشاركة 40 دار نشر من دول مختلفة، متضمناً العديد من الأجنحة والأقسام ومن […]

14أكتوبر
الكاتبة الكورية هان كانغ تفوز بجائزة نوبل للآداب

الكاتبة الكورية هان كانغ تفوز بجائزة نوبل للآداب

فازت الكاتبة الكورية الجنوبية هان كانج، البالغة من العمر 53 عاماً، بجائزة نوبل للآداب لعام 2024 عن “نثرها الشعري المكثف الذي يواجه الصدمات التاريخية ويكشف هشاشة الحياة البشرية”، وفقاً للجنة نوبل التي أشادت بتعاطف الكاتبة العميق مع شخصياتها التي تجسّد حياة هشة، وغالباً ما تكون أنثوية، تتنقل بين عواطف ومشاهد جسدية معقدة.   وثمّن رئيس […]

Related Posts

تراث “ابن العربي” من الشارقة إلى العالم

تراث “ابن العربي” من الشارقة إلى العالم

    اعتاد معرض الشارقة الدولي للكتاب أن يحتضن دور نشر جديدة في كل عام، ويكون محطة لانطلاقتها عالمياً، ومن بينها مؤسسة "ابن العربي للبحوث والنشر"، التي تسعى، كما يقول صاحبها، أيمن حمدي، إلى تقديم التراث الصوفي عامةً والتراث الأكبري خاصةً في طبعات محققة تحقيقاً...

نجمة صاعدة في عالم النشر:  نور عرب، مؤسسة دار “نور للنشر” تتحدث

نجمة صاعدة في عالم النشر: نور عرب، مؤسسة دار “نور للنشر” تتحدث

الناشرة نور عرب: الشغف هو المحرّك الرئيسي والحقيقي للنجاح في صناعة النشر   منذ تأسيسها في يناير 2018 بإمارة الشارقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، أصبحت "نور للنشر" من أكثر دور النشر المتخصصة في طباعة ونشر كتب وقصص الأطفال باللغتين العربية والإنجليزية، نشاطاً...

جميلة حسون: قصة في حب الكتاب

جميلة حسون: قصة في حب الكتاب

أسئلة جميلة حسون *  حدثينا أكثر عن مبادرة "قافلة الكتب".. لماذا هي مهمة.. وما هو التأثير الذي أحدثته منذ إطلاقها عام 1996؟ في العام ١٩٩٦ بدأتُ مشروع Rural books school، أما قافلة الكتاب كمشروع بشكله الحالي وبملكيّته الفكرية فقد بدأ في عام ٢٠٠٦. انطلقت فكرة قافلة...

Previous Next
Close
Test Caption
Test Description goes like this

Pin It on Pinterest