تتواصل فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب وسط حضور لافت من دور النشر العربية والأجنبية، التي بلغ عددها أكثر من 611 دار نشر تمثّل 33 دولة، حيث تبدو أروقة المعرض كأنها خريطة واسعة للمعرفة، تتقاطع فيها العناوين الجديدة مع الإصدارات الكلاسيكية، وتختلط فيها الكتب العلمية بالروايات والتاريخ والفنون. ومع مئات الآلاف من العناوين المعروضة، يجد القارئ نفسه أمام موسم ثقافي حقيقي يفتح أبواب الاكتشاف لكل الأعمار والاهتمامات.
ومنذ اليوم الأول، يشهد المعرض إقبالاً جماهيرياً غير مسبوق، حيث احتشد الزوّار من الأسر والطلاب والمهتمين بالكتابة والترجمة في ممرات القاعات الكبرى، وبدا الحضور الشبابي قوياً هذا العام، مع الإقبال الواسع على منصات التوقيع وورش التفاعل القرائي. فيما جعلت كثير من المدارس الزيارة جزءاً من برامجها التعليمية، واختارت العائلات أن يكون المعرض محطة ثقافية تُنعش فيها حب القراءة لدى أبنائها، في ظل أجواء منظمة ومساحات عرض واسعة تمنح الزائر متعة التنقل بين الكتب بسلاسة.
أما الأجنحة العربية المشاركة فقد صنعت حضوراً بارزاً، خاصة جناح سلطنة عُمان ضيف الشرف، والذي جذب الزوّار بإصداراته التراثية ومخطوطاته النادرة ومشاريعه الحديثة في الرقمنة وصناعة المحتوى. كما حضر الجناح السعودي بقوة عبر إصدارات متعددة في الأدب والفكر والترجمة، مؤكداً الطابع الخليجي المتماسك الذي أصبح أحد ملامح هذا الحدث. وتنوّعت المشاركات بين دور نشر عريقة وأخرى ناشئة من الدول الـ33 المشاركة، ما قدّم مشهداً حيوياً يعكس تحولات المشهد الثقافي في المنطقة.
وتزداد حيوية المعرض عبر البرنامج الثقافي الموازي، الذي يضم ندوات فكرية، وورش عمل في الكتابة والترجمة، ولقاءات مباشرة بين المؤلفين والقرّاء. ولا تبدو الفعاليات مجرد إضافة جانبية، بل تتحوّل إلى مساحات نقاش يتجدد فيها الحوار حول مستقبل الكتاب، وصناعة النشر، والعلاقة بين القارئ والكاتب. وتُعد جلسات التوقيع من أكثر النقاط ازدحاماً، إذ يصطفّ القرّاء للحصول على نسخ تحمل توقيع مؤلفيهم المفضلين، في لحظات تقرّب بين المبدع وجمهوره.
ورغم التحديات التي تواجه سوق النشر عالمياً، يثبت معرض الكويت الدولي للكتاب أن الكتاب الورقي ما زال يحتفظ بجاذبيته الأصيلة. فالحركة النشطة في الشراء، وكثافة الجمهور، وتنوّع العناوين، كلّها دلائل على أن القراءة لم تفقد مكانها في الحياة اليومية، بل تتجدد مع كل دورة من هذا الحدث. ومع استمرار فعالياته طوال أيامه، يبدو المعرض كأنه احتفال كبير بالثقافة، يعيد التذكير بأن الكتاب ليس مجرد سلعة، بل فضاء للمعنىً والوعي واكتشاف العالم.



