Home 5 مقالات و تقارير 5 “الرقم المعياري للكتاب”.. هوية دولية يسرت عبور المعرفة وتداولها

“الرقم المعياري للكتاب”.. هوية دولية يسرت عبور المعرفة وتداولها

بواسطة | مايو 4, 2017 | مقالات و تقارير

يروي تاريخ المعرفة الإنسانية الكثير من الحكايات حول سيرة الكتاب وتطور صناعته وتسويقه وتصنيفه، إذ يكفي التوقف ملياً أمام مقتنيات أكبر المكتبات في العالم والتساؤل كيف يتم تصنيف ملايين الكتب وترتيبها في رفوف يمكن للباحث الرجوع إليها بكبسة زر، فمكتبة الكونغريس – الأكبر في العالم- تضم 29 مليون كتاباً ومواد مطبوعة بـ 460 لغة، وأكثر من 85 مليون وثيقة، تليها المكتبة البريطانية في لندن بقرابة 14 مليون كتاب.

 

ليس ذلك وحسب فقائمة طويلة من أشهر مكتبات العالم تجمع على رفوفها ملايين الكتب، تتنوع موضوعاتها، ولغاتها، وتاريخ إصدارها، إضافة لمجمل ما يصدر يومياً من مؤلفات حول العالم، حيث تطبع أمريكيا وحدها 300 ألف كتاب سنوياً، فكيف لهذا الكم من الكتب والمؤلفات يلقى نصيبه من التصنيف، ويدرج في قوائم حسب الموضوع، والسنة، واللغة، ليصبح الباحث بذلك أمام عددٍ هائل من المراجع والكتب التي يسهل الرجوع إليها، والاستفادة منها.

 

ينكشف سر هذا الجهد المعرفي الكبير بالرجوع إلى ما يعرف بـ”الرقم المعياري” للكتب أو كما يعرفه المتخصصون بـ”ردمك” أو “ISBN”، فهو “أحد أنظمة التقييس الدولية، إذ يعد أداة عصرية سهلة تٌمكّن الباحث أو القارئ من التعرف على أحد العناوين أو الطبعات الصادرة عن ناشر معيّن في بلد محدد، وهو رقم فريد للعنوان أو للطبعة الواحدة، يعرض الكثير من المعلومات التي توضحها مكونات الرقم نفسه وموقع طباعته على الكتاب، فهو أقرب إلى رقم الهوية الذي يعطى للأفراد للتعريف بهم، ولكنه هوية للكتب يُعمل به على مستوى العالم، فيطبع على الكتاب مسبوقاً بالحروف ردمك (للمطبوعات باللغة العربية) وهو اختصار لـ”رقم دولي معياري للكتاب” وISBN) للمطبوعات بلغات أخرى).

 

يتشابه الرقم المعياري للكتاب مع “الباركود” الذي يصنّف السلع الاستهلاكية، فهو يعتمد على سلسلة من الأرقام التي يشير كل منها إلى تصيف معيّن، إذ يتكون الرقم من عشرة أرقام دون رقم 10 (من صفر إلى رقم 9) وتمثل كل مجموعة منها ترميزاً معيّناً يبيّن من خلالها المجموعة التي ينتمي إليها الكتاب، سواءً كانت؛ الوطنية، والجغرافية، واللغوية، أو الناشر، أو العنوان الذي يندرج تحته، إضافة إلى رقم الضبط.

 

يعود تاريخ استخدام الرقم المعياري إلى العام 1970 حيث وضعته المنظمة الدولية للمعايير في جنيف بسويسرا، وجاء الرقم بصيغته المعروفة المكونة من عشرة أرقام، وابتداءً من الأول من يناير 2007، أصبح يتكون من ثلاثة عشر رقماً وذلك توافقاً مع معايير “أرض الكتاب”، وهي تسمية لبلد وهمي، أنشىء في ثمانينيات القرن الماضي، من أجل حجز كود البلد الفريد المطابق للمعايير الأوروبية وذلك لكي توسم الكتب بكود الرقم الدولي المعياري للكتاب.

 

ويتكون الرقم المعياري من أربع وحدات مختلفة الطول، تفصل بينها شرطة أو مسافة، والوحدات هي: وحدة المجموعة، وتدل على قاسم مشترك بين الناشرين، كدولة، أو منطقة جغرافية خاصة، أو كتلة، أو لغة، ووحدة الناشر وتدل على ناشر بعينه داخل المجموعة، ووحدة العنوان التي تخص كتاباً معيّناً من بين كتب الناشر الواحد، أو طبعة واحدة من طبعات مختلفة للكتاب الواحد، إضافة إلى وحدة التدقيق المكونة من رقم واحد يأتي في نهاية الوحدات الثلاث السابقة، ويستخدم في المراجعة الآلية.

 

يضع الرقم المعياري عدداً من الشروط التي تكفل فاعليته، منها أنه لا يتطلب إعادة طبع الكتاب دون أي تغيير في النص رقماً جديداً في حالة كان الناشر هو ذاته. ولكن يتطلب عند تغيير عنوان الكتاب أو نشر طبعة جديدة مزيدة ومنقحة أن يحصل الناشر على رقم معياري جديد، ولا يعتمد الحصول على رقم معياري على لغة الكتاب أو جنسية مؤلفه بل على مكان نشره، وفي حال نُشر كتاب من عدة أجزاء، فإن المجموعة كلها يجب أن تحصل على رقم محدد وكل جزء يحصل على رقم منفصل خاص به.

 

وقد نجح الرقم المعياري للكتاب منذ ابتكاره حتى اليوم، في حل الكثير من الإشكاليات المتعلّقة بحقوق النشر، والطباعة، والبحث وغيرها، فبات مستخدماً في معظم دول العالم، إذ عمل على تصنيف الكتب المنشورة بصورة سهلة ودقيقة ومحددة وعملية عوضاً عن الوصف البيبليوغرافي الطويل للكتاب، وبهذا وفر استخدامه الجهد والوقت، وتجنب الأخطاء، وتعريف القراء بوجود كتاب معيّن من خلال نشره في دليل “الكتب المنشورة” حسب الناشر أو الموضوع أو المؤلف، وتسهيل عملية طلب الكتاب بمجرد استخدام هذا الرقم بدلاً من كتابة كافة المعلومات البيبلوغرافية المتعلّقة به.

 

ليس ذلك وحسب، بل عمل هذا الرقم أيضاً على التسهيل على البائع في عملية تسجيل الكتب وحفظها في المستودعات وتوزيعها على المكتبات وشركات التوزيع، وتسهيل متابعة عملية شراء وبيع الكتب وتسويقها، لهذا يجد الناشر أنه من الضروري أن يكون لكافة الكتب التي يصدرها رقم دولي متعارف عليه ومقبول به لتسهيل عملية الشراء والتوزيع، وعملية تسجيل الكتب في المكتبات العامة، وكذلك تسهيل عملية تسجيل حقوق الناشر أو المؤلف.

أخبار حديثة

08يوليو
معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب يحتفي بالمعرفة ويكرّم المفكر الراحل محمد بن عيسى

معرض مكتبة الإسكندرية الدولي للكتاب يحتفي بالمعرفة ويكرّم المفكر الراحل محمد بن عيسى

وسط أجواء ثقافية نابضة بالحياة، افتتحت مكتبة الإسكندرية دورتها العشرين من المعرض الدولي للكتاب، الذي يستمر حتى 21 يوليو 2025، بمشاركة واسعة من دور النشر المصرية والعربية، وبدعم من الهيئة المصرية العامة للكتاب، واتحاد الناشرين المصريين والعرب.   ويحمل المعرض هذا العام طابعاً خاصاً، إذ يحتفي بمرور عشرين عاماً على انطلاقه، ويستقبل زواره بـ79 دار […]

07يوليو
جمعية الإمارات لحقوق النسخ توقع أول ترخيص جامعي لحماية النسخ بالدولة

جمعية الإمارات لحقوق النسخ توقع أول ترخيص جامعي لحماية النسخ بالدولة

أعلنت جمعية الإمارات لإدارة حقوق النسخ عن توقيع أول اتفاقية ترخيص جامعي من نوعها في الدولة مع جامعة هيريوت وات – دبي، لترسي بذلك نموذجاً رائداً في تنظيم استخدام المصنّفات الفكرية داخل المؤسسات التعليمية.   يأتي هذا التوقيع ثمرةً لمسار طموح وفعّال انتهجته الجمعية منذ تأسيسها، إذ استطاعت خلال فترة وجيزة لا تتجاوز ثلاث سنوات […]

03يوليو
هوية جديدة ورؤية عالمية

هوية جديدة ورؤية عالمية

في خطوة تُجسّد التزاماً طويل الأمد تجاه الثقافة والمعرفة، تواصل “إي آند” رعايتها للجائزة الدولية لأدب الطفل العربي، التي أطلقها المجلس الإماراتي لكتب اليافعين في عام 2009 تحت اسم “جائزة اتصالات لكتاب الطفل” برؤية من الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مجلس إدارة هيئة الشارقة للكتاب، المؤسسة والرئيسة الفخرية للمجلس الإماراتي لكتب اليافعين، بهدف الارتقاء […]

Related Posts

من الظل إلى القيادة: النساء في صناعة النشر

من الظل إلى القيادة: النساء في صناعة النشر

على مدار قرون، ظل الأدب البرازيلي محكوماً برؤية ذكورية تنعكس في المتن والسياق، لكن النساء البرازيليات لم يتوقفن عن الكتابة، حتى في ظل التهميش والإقصاء. إذ كتبت كثيرات في الظل، بأسماء مستعارة أو خلف واجهات اجتماعية مضطربة، لكن منذ النصف الثاني من القرن العشرين، بدأت...

لماذا لا يزال هيسه يُخاطبنا؟

لماذا لا يزال هيسه يُخاطبنا؟

في الثاني من شهر يوليو، حلّت ذكرى ولادة الكاتب الألماني الكبير هرمان هيسه (1877–1962)، أحد أبرز الأصوات الأدبية في القرن العشرين، والفائز بجائزة نوبل للآداب عام 1946، والذي عُرف بأعماله التي تلامس العمق الإنساني والروحي، وتدفع القارئ إلى مساءلة وجوده وتفكيك علاقته...

تجربة إماراتية رائدة في “البيبليوثيرابي”

تجربة إماراتية رائدة في “البيبليوثيرابي”

في زحام الحياة وتحدياتها المتزايدة، يبحث الإنسان عن سبل آمنة للتنفيس عن مشاعره ومداواة جراحه النفسية. وهنا تأتي القراءة بوصفها أكثر من مجرد هواية، بل طقساً داخلياً للتصالح مع الذات. فالكتاب لا يمنحنا الكلمات فحسب، بل يتيح لنا إمكانية رؤية انعكاساتنا في مواقف وتجارب...

Previous Next
Close
Test Caption
Test Description goes like this