الكتاب: رحلة في صحراء ليبيا 1923
المؤلف: أحمد محمد حسنين باشا
الناشر: دار السويدي للنشر والتوزيع في أبوظبي والمؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت
سنة النشر: 2004
بدت الفيضانات التي ضربت ليبيا في سبتمبر الجاري كأنها مشهد من نهاية العالم! فالأمطار الغزيرة التي تعرض لها شرق البلاد تسببت في سيول قتلت وشردت عشرات الآلاف ودمرت كل شيء يعترض طريقها، ما سلّط الضوء على رابع الدول العربية مساحة، والتي تشكّل الصحراء أكثر من 90% من مساحتها، الأمر الذي يجعلها عرضة لمخاطر توحش الطبيعة، رغم ما تحفل به من بيئة جميلة لم تمتد لها يد الإنسان، ومناطق قابلة للاكتشاف كل يوم.
هذه الدهشة التي تحملها طبيعة ليبيا، هي التي دفعت الرحالة المصري الذي درس في جامعة أكسفورد بإنجلترا، أحمد محمد حسنين باشا، إلى محاولة اكتشافها من خلال رحلة طويلة قبل 100 عام، وتحديداً في العام 1923، إلى صحراء ليبيا، المجهولة والقاسية، واستغرقت سبعة أشهر وثلاثة عشرون يوماً، ومولتها بالكامل الحكومة المصرية في عهد الملك فؤاد الأول، ونتج عنها ثمرات علمية: جغرافية وجيولوجية وطبوغرافية وحتى فلكية كثيرة.
هذه الرحلة كانت استثنائية في القرن العشرين، فاجتياز 3500 كيلو متراً في صحراء مجهولة مقفرة كان جهداً كبيراً لا يقدر عليه كثيرون، خصوصاً أن خطر الهلاك في وسط الصحراء الليبية كان يتربص بالرحالة صباح مساء. وهذه المكابدة الجسدية والنفسية، على مستوى الإنسان ومطاياه من خيل وجمال، شكّلت مغامرة علمية وعملية مثمرة، كان من محصلتها القيِّمة اكتشاف واحتين جديدتين في تلك الصحراء المترامية الأطراف، هما أركنو والعوينات، وتعيين موقعهما على الخريطة.
ورغم مرور 100 عام على هذه الرحلة فإن فيضانات 2023 تؤكد على حاجتنا المتجددة لإعادة اكتشاف ليبيا الجميلة، وألا يقتصر تواصلنا المعرفي معها، على تذكرنا لها عند حدوث الكوارث والمصائب، فهذا البلد ثري بأدبه وعلمه، كما هو ممتد ومتسع بصحرائه.